قوله: ﴿وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ﴾ اليهود في الأصل من
قولهم: ﴿هُدۡنَآ
إِلَيۡكَۚ﴾ [الأعراف: 156]
وكان اسم مدح، ثم صار بعد نسخ شريعتهم لازمًا لهم، وإن لم يكن فيه معنى المدح،
وقيل: سُمُّوا بذلك نسبة إلى يهودا بن يعقوب عليه السلام.
﴿يَدُ ٱللَّهِ مَغۡلُولَةٌۚ﴾ يخبرُ تَعالَى عنهم
بأنهم وصفوه بأنه بخيل، كما وصفوه بأنه فقيرٌ وهم أغنياء، لا أنهم يَعنون أن يدَه
مُوثَقة.
﴿غُلَّتۡ أَيۡدِيهِمۡ﴾ هذا ردٌّ عليهم من اللهِ
تَعالَى بما قالوه، ومقابلة لهم بما افترَوه واختلقُوه، وهكذا وقع لهم؛ فإن فيهم
من البخل والحسد الشيء الكثير، فلا ترى يهوديًّا إلا وهو من أبخل خلق الله، ﴿وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ﴾ معطوفة على ما
قبله، والباء سببية، أي: أُبعدوا من رحمة الله بسبب هذه المقالة.
ثم ردٌّ عليهم
سبحانه بقوله: ﴿بَلۡ يَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ﴾ أي: بل هو في غايةِ
ما يكونُ من الجودِ والعطاء، فيداه مبسوطتان بذلك، ﴿يُنفِقُ كَيۡفَ يَشَآءُۚ﴾ جملة مستأنَفة
مؤكِّدة لكمالِ جودِه، فإنفاقُه على ما تقتضيه مشيئتُه، فإن شاء وسَّع، وإن شاء
ضيَّق، فهو الباسطُ القابضُ على ما تقتضيه حكمتُه.
الشاهدُ من الآيتين الكريمتين: أن فيهما إثباتَ اليدين لله سبحانه وتعالى، وأنهما يدان حقيقيتان لائقتانِ بجلالِه وعظمتِه ليستا كيدَيِ المخلوق:
الصفحة 2 / 220