مَكانَةُ
أهلِ السُّنَّةِ والجَماعَة بينَ فِرَقِ الأمَّة بل هم الوسَطُ في فِرَقِ
الأمَّةِ، كما أنَّ الأمَّةَ هي الوسطُ في الأمم، فهُم وسطٌ في بابِ صفاتِ اللهِ
سُبحانه وتَعالَى بين أهل التَّعطيلِ الجَهْمِيةِ وأهل التَّمثيلِ المُشبِّهة. وهم
وسطٌ في باب أفعال الله: بين الجبرية والقدرية وغيرهم، وفي باب وَعِيدِ الله: بين
المرجئة والعَيْدِيَّةِ من القدرية وغيرهم، وفي باب أسماء الإِيمَان والدِّين: بين
الحَروريةِ والمعتزِلة وبين المرجئة والجهمية، وفي باب أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم: بين الرَّافضةِ والخَوارِج.
*****
لمَّا بيَّن الشَّيخُ
رحمه الله موقفَ أهلِ السُّنةِ والجَماعَة من النُّصوصِ الواردةِ في الكتابِ
والسُّنَّةِ في صفاتِ الله -تَعالَى- أراد أن يُبيَّنَ مكانتَهم بين فِرقِ الأمَّة؛
حتّى يُعرَف قدْرُهم وفضلُهم بمقارنتهم بغيرهم. فإنَّ الضِّدَّ يُظهِر حسنَه
الضدُّ. وبِضدِّها تَتَبيَّنُ الأشياءُ. قال رحمه الله: «بل هم الوسَط في فِرَق
الأُمَّة»، قال في «المصباح المنير»: الوَسَط بالتحريك: المعتدل، والمرادُ
بالوَسَط هنا: العدلُ الخيارُ، قال تَعالَى في الآية (143) من سورة البقرة: ﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ
أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ﴾.
فأهلُ السُّنَّة وسط: بمعنى: أنَّهم
عدولٌ خيار، وبمعنى: أنَّهم متوسطون بينَ فريقَيِ الإفراطِ والتَّفريط، فهم وسطٌ
بين الفِرقِ المُنتسِبَة للإسلام، كما أنَّ الأمَّةَ الإِسْلاميَّةَ وسطٌ بينَ
الأممِ. فهذه الأمَّةُ وسطٌ بينَ الأممِ التي تميلُ إلى الغُلوِّ والإفراط،
والأممِ التي تميلُ إلى التَّفريط والتَّساهل؛ وأهلُ السُّنَّة والجَماعَة من هذه
الأمَّةِ وسطٌ بين فِرقِ الأمَّةِ
الصفحة 1 / 220