·
حقيقةُ الإِيمَان وحكمُ مرتكبِ
الكبيرة:
فصلٌ
ومن أُصولِ أهلِ السُّنَّة والجَماعَة: أنَّ
الدَّينَ والإِيمَان قولٌ وعملٌ: قولُ القلب واللِّسان، وعملُ القلب واللِّسان
والجوارح، وأنَّ الإِيمَان يَزيدُ بالطَّاعة، ويَنقصُ بالمعصية. وهم مع ذلك لا
يكفِّرون أهلَ القبلةِ بمطلقِ المعاصي والكبائر كما يفعله الخَوارِج، بل
الأُخُوَّةُ الإِيمَانيَّةُ ثابتةٌ مع المعاصي، كما قال سبحانه في آية القَصاص: ﴿ فَمَنۡ عُفِيَ لَهُۥ مِنۡ أَخِيهِ شَيۡءٞ فَٱتِّبَاعُۢ
بِٱلۡمَعۡرُوفِ ﴾ [البقرة: 178].
وقال: ﴿ وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ
فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ
فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن
فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ
يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ٩ إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ
وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ ١٠ ﴾
[الحجرات: 9- 10]، ولا يَسلُبُون الفاسقَ الملِّيَّ الإِسْلام بالكُليَّة. ولا
يُخلِّدونه في النَّار كما تقوله المعتزلة، بل الفاسق يدخل في اسم الإِيمَان
المطلق، كما في قوله تَعالَى: ﴿ فَتَحۡرِيرُ
رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖ﴾ [النساء: 92]، وقد لا دخل في اسم الإِيمَان المطلق، كما في قوله تَعالَى: ﴿ إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا
ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ
زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا ﴾ [الأنفال: 2]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ
يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ
مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ
يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا
أَبْصَارَهُمْ
الصفحة 1 / 220