ب-
الدَّرجة الثَّانية وما تتضمَّنه:
وأما الدَّرجة الثَّانية: فهي مشيئة الله
النَّافذة، وقدرته الشَّاملة، وهو الإِيمَان بأنَّ ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم
يكن، وأنَّه ما في السموات وما في الأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله سبحانه،
لا يكون في ملكه ما لا يريد، وأنَّه سبحانه على كل شيء قدير من الموجودات
والمعدومات، فما من مخلوق في الأرض ولا في السَّماء إلاَّ الله خالقه سبحانه، لا
خالق غيره ولا ربَّ سواه.
*****
وتزعم أنَّها مخلوقة
لهم استقلالاً، لم يخلقْها اللهُ ولم يُرِدْها، كما يأتي بيانُه.
هذا بيانٌ للمرتبةِ
الثالثة ([1])، والمرتبة
الرَّابعة من مراتب القدر. أشار إلى الثَّالثة بقوله: «فهي مشيئةُ اللهِ
النَّافذة وقدرته الشَّاملة». و«النَّافذة»: هي الماضية التي لا راد
لها. و«الشَّاملة»: هي العامَّةُ لكلِّ شيء من الموجودات والمعدومات.
وقولُه: «وهو الإِيمَان» أي: ومعنى الإِيمَان بهذه المرتبة اعتقاد «أنَّ ما شاء الله كان» أي: وُجِدَ «وما لم يشأ لم يكن» أي: لم يُوجد «وأنَّه ما في السَّموات من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله» أي: لا يحصل شيءٌ من ذلك إلا وقد شاءه الله سبحانه «لا يكون في ملكه ما لا يريد» وقوعه كونًا وقدرًا «وأنه سبحانه على كلِّ شيءٍ قدير من الموجودات والمعدومات»؛ لدخولِها تحت عموم «كلِّ شيء»، فالله قد أخبر في آيات كثيرة: أنَّه على كلِّ شيء قدير.