·
وُجوبُ الإِيمَان باستواء اللهِ على عرشِه
وَعُلُوِّه على خَلْقِه وَمَعِيَّتِه لِخَلْقِه، وأنَّه لا تَنَافِي بينهما:
قال رحمه الله:
فصل
وقد دخلَ فيما ذكرناه من الإِيمَان بالله
الإِيمَان بما أَخْبَرَ اللهُ بِه في كتابه، وَتَواتَرَ عن رسوله، وأجمع عليه سلفُ
الأمَّةِ، مِنْ أنَّه سبحانه فوقَ سماواتِه، على عرشه، عَلِيٌّ على خلقه، وهو
-سبحانه- معهم أينما كانوا، يعلم ما هم عاملون، كما جمع بين ذلك في قوله: ﴿ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ
فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يَعۡلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلۡأَرۡضِ
وَمَا يَخۡرُجُ مِنۡهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعۡرُجُ فِيهَاۖ
وَهُوَ مَعَكُمۡ أَيۡنَ مَا كُنتُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ﴾
[الحديد: 4] وليس معنى قولِه: ﴿ وَهُوَ مَعَكُمۡ﴾ أنه مُختَلِطٌ بالخلق، فإنَّ هذا لا تُوجِبُه
اللُّغةُ، وهو خِلافُ ما أجمع عليه سلفُ الأمَّة، وخلافُ ما فَطَرَ اللهُ عليه
الخلقَ؛ بل القَمرُ آيةٌ من آياتِ اللهِ مِن أصغر مخلوقاتِه وهو موضوعٌ في
السَّماء وهو مع المُسافِر وغيرِ المُسافِر أينما كَانَ. وهو -سبحانه- فوق عرشه
رقيبٌ على خلقه، مُهَيمنٌ عليهم، مُطَّلِعٌ عليهم... إلى غير ذلك من معاني
ربوبيته.
*****
خصَّصَ المُصنِّفُ رحمه الله هاتين المسألتين: «الاستواءَ على العرش ومعيَّتَه للخلق» بالتنبيه؛ لِيُزِيلَ الإشكالَ، فقد يُتَوهَّمُ وجودُ التَّنافي بينهما، فقد يَظُنُّ الظَّانُّ أنَّ ذلك مِثلُ صفات المخلوقين، وأنَّه مُختَلِطٌ
الصفحة 1 / 220