·
وُجُوبُ الإِيمَان بأنَّ
القُرآنَ كَلامُ اللهِ حقيقةً:
قال رحمه الله:
فصلٌ
ومِن الإِيمَان بالله وكُتُبِه: الإِيمَان
بأنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ، مُنَزَّلٌ، غَيرُ مَخلُوقٍ، مِنهُ بَدَأَ، وإليه
يَعودُ. وأنَّ اللهَ تَكَلَّمَ به حقيقةً، وأنَّ هذا القرآنَ الَّذي أَنزَلَهُ
عَلى مُحمَّد صلى الله عليه وسلم هو كلامُ اللهِ حقيقةً، لا كلامُ غيرِه. ولا
يجوزُ إِطلاقُ القولِ بأنَّه حكايةٌ عَن كلامِ اللهِ أو عبارةٌ، بَلْ إِذَا
قَرَأَه النَّاس أو كَتبُوه في المصَاحفِ لم يَخرجْ بذلك عن أنْ يكونَ كلامَ اللهِ
-تَعالَى- حقيقةً؛ فإنَّ الكلامَ إنَّما يُضافُ حقيقةً إلى مَن قَالَه
مُبْتَدِئًا، لا إِلى مَن قَالَه مُبَلِّغًا مُؤَدِّيًا. وهو كلامُ اللهِ حروفُه
ومعانِيه، ليس كلامُ اللهِ الحروفَ دُونَ المعاني، ولا المعانِيَ دُون الحروف.
*****
مِن أُصولِ
الإِيمَان: الإِيمَان بالله، والإِيمَان بكُتُبِه -كما سبق- ويَدخلُ في هَذين
الأصلينِ الإِيمَان بأنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ. فالإِيمَان باللهِ عز وجل يتضمَّنُ
الإِيمَان بصفاتِه. وكلامُه من صفاتِه، فإنَّ اللهَ تَعالَى مَوصُوفٌ بأنَّه
يَتَكَلَّمُ بما يشاءُ، إِذَا شاءَ، لم يَزلْ، ولا يَزالُ يَتكلمُ، وكلامُه لا
يَنفدُ، ونوع الكلام في حقِّه أَزَليٌّ أَبَدِيٌّ، ومُفرداتُه لا تَزالُ تَقَعُ
شيئًا فشيئًا، حسب حكمته تَعالَى.
ومِن كلامِه القرآنُ العظيمُ، الَّذي هو أعظمُ كُتُبِه، فَهُوَ دَاخِلٌ في الإِيمَان بكُتُبِه دخولاً أَوَّليًّا، وهو مُنَزَّلٌ منه سبحانه، فهو تكلَّم به وأَنزَلَ
الصفحة 1 / 220