قوله: ﴿وَحَمَلۡنَٰهُ﴾ أي: نوحًا عليه
السلام ﴿عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَٰحٖ وَدُسُرٖ﴾ أي: على سفينةٍ
ذاتِ أخشابٍ عريضة، ومسامير شُدَّت بها تلك الألواح، مفردها: دِسَار.
﴿تَجۡرِي بِأَعۡيُنِنَا﴾ أي: بمنظرٍ ومرأَى
منا وحفظ لها.
﴿جَزَآءٗ لِّمَن كَانَ كُفِرَ﴾ أي: فعلنا بنوح
عليه السلام وبقومه ما فعلنا من إنجائه وإغراقهم ثوابًا لمن كُفِر به وجُحِد أمره،
وهو نوح عليه السلام.
وقوله: ﴿وَأَلۡقَيۡتُ عَلَيۡكَ مَحَبَّةٗ مِّنِّي﴾ الخطابُ لموسى عليه
السلام، أي: وضعتُها عليك فأحببتُك وحببتك إلى خلقي، ﴿وَلِتُصۡنَعَ عَلَىٰ عَيۡنِيٓ﴾ أي: ولتُربى وتُغذى
بمرأَى مني أراك وأحفظك.
الشاهدُ من الآيات: أنَّ فيها إثباتَ
العينين للهِ تَعالَى حقيقة على ما يليقُ به سبحانه، فقد نطقَ القرآنُ بلفظِ العين
مضافة إليه مفردة ومجموعة، ونطقتْ السنةُ بإضافتِها إليه مثناة، وقال النَّبِي صلى
الله عليه وسلم: «إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَر» ([1])، وذلك صريحٌ بأنه
ليس المرادُ إثباتَ عينٍ واحدة، فإن ذلك عَوَر ظاهر، تَعالَى الله عنه.
ولغةُ العربِ جاءت بإفراد المضاف وتثنيتِه وجمعِه بحسْب أحوالِ المضاف إليه، فإن أضافوا الواحدَ المتصلَ إلى مفردٍ أفردوه، وإن أضافوا إلى جمع ظاهرًا أو مضمرًا فالأحسن جمعُه مشاكلة للفظ، كقوله سبحانه: ﴿تَجۡرِي بِأَعۡيُنِنَا﴾، وكقوله: ﴿أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا خَلَقۡنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتۡ أَيۡدِينَآ أَنۡعَٰمٗا﴾ [يس: 71]، وإن أضافوه إلى اسم مثنى فالأفصحُ في لغتِهم جمعه، كقوله:
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4402)، ومسلم رقم (2933).
الصفحة 2 / 220