أستدرجُهم وأجازيهم على كيدهم، فآخذهم على
غِرَّةٍ وهُم لا يشعرون.
الشاهدُ من الآيات: في هذه الآيات وصْف
الله بالمكر والكيد، ونسبة ذلك إليه سبحانه حقيقة على بابه، فإن المكر إيصال الشيء
إلى الغير بطريق خفي، وكذلك الكيد والمخادعة والمكر والكيد نوعان: قبيح: وهو
إيصالُ ذلك لمن لا يستحقه، وحسن: وهو إيصاله إلى من يستحقه عقوبة له، فالأوّلُ
مذمومٌ، والثاني ممدوح، والربُّ تَعالَى إنما يفعلُ من ذلك ما يُحمد عليه عدلاً
منه وحكمة، وهو تَعالَى يأخذُ الظالمَ والفاجرَ من حيث لا يحتسب، لا كما يفعل
الظلمةُ بعباد الله، والله أعلم.
واللهُ سبحانه لم
يصِفْ نفسَه بالكيدِ والمكرِ والخداعِ إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق،
وقد علم أن المجازاة حسنة من المخلوق فكيف بالخالق سبحانه وتعالى ؟!.
تنبيه: نسبةُ الكيدِ والمكرِ ونحوهما إليه سبحانه من إطلاقِ الفعل عليه تَعالَى، والفعلُ أوسعُ من الاسم، ولهذا أطلقَ اللهُ على نفسِه أفعالاً لم يَتَسَمَّ منها بأسماء الفاعل -كأراد وشاء- ولم يُسم بالمريد والشائي، وكذا مكر ويمكر، وأكيد كيدًا، ولا يقال: الماكر والكائد؛ لأن مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم.
الصفحة 2 / 220