×
شرح العقيدة الواسطية

ثم ذكر سُبحانه شُبهةً أخرى من شُبههم فقال: ﴿ وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّهُمۡ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُۥ بَشَرٞۗ أي: ولقد نعلمُ أنَّ هؤلاء الكفارَ يقولون: إنما يُعلمُ مُحمَّدًا القرآنَ بشرٌ من بني آدمَ وليس ملكًا من الملائكة، وهذا البشرُ الذي يُعلمه كان قد درَس التوراةَ والإنجيلَ والكتبَ الأعجمية؛ لأن مُحمَّدًا رجلٌ أُمِّي لا يمكن أن يأتيَ بما ذُكر في القرآن من أخبارِ القرون الأولى؛ فردَّ عليهم بقوله: ﴿ لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلۡحِدُونَ إِلَيۡهِ أَعۡجَمِيّٞ أي: لسانُ الذي يميلون إليه ويزعمون أنه يُعلمك يا مُحمَّد أعجمي، أي: غيرُ عربي، فهو لا يتكلمُ العربية، ﴿ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيّٞ مُّبِينٌ أي: وهذا القرآنُ ذو بلاغةٍ عربيةٍ وبيانٍ واضح، فكيف تزعمون أن بشرًا يعلمُه النَّبِي صلى الله عليه وسلم من العجم وقد عجزتم أنتم عن معارضتِه أو معارضةِ سورةٍ أو سورٍ منه وأنتم أهلُ اللسانِ العربي ورجال الفصاحة وقادة البلاغة؟!

ما يُستفاد من الآيات: يُستفادُ من هذه الآيات الكريمة: إثباتُ أن القرآنَ منزَّلٌ من عند الله تَعالَى، وأنه كلامُه جل وعلا، لا كلامُ غيرِه من الملائكة أو البشر، والردُّ على من زعم أنه كلامٌ مخلوق، وفي الآياتِ أيضًا إثباتُ العلوِّ لله سبحانه؛ لأن الإنزالَ لا يكون إلا من أعلى، والله أعلم.


الشرح