الصُّدُورِ، أو تُلِيَ بالأَلْسِنَةِ، أو كُتِبَ
في المصاحف، لا يَخرجُ بذلك عن أنْ يكونَ كلامَ اللهِ تَعالَى حقيقةً.
ثمَّ ذَكَرَ الشيخُ
رحمه الله دليلَ ذلك فقال: «فإنَّ الكلامَ إنَّما يُضافُ حقيقةً إلى مَن قاله
مُبتَدِئًا، لا إلى من قَالَه مُبلِّغًا مُؤَدِّيًا»، فإنَّ المُبَلِّغَ
المُؤَدِّيَ إنَّما يُسَمَّى واسطةً فقط، قال تَعالَى: ﴿ وَإِنۡ أَحَدٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ
ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ﴾ [التوبة: 6]، والسَّماعُ
المذكورُ في هذه الآيةِ إنَّما يكونُ بواسطة المُبلِّغِ، وسُمِّي المَسمُوعُ كلامَ
اللهِ، فدلَّ على أنَّ الكلامَ إنما يُضافُ إلى مَنْ قاله مُبتدِئًا.
4- ثُمَّ ذكر
الشَّيخُ رحمه الله مقالةَ المعتزِلةِ؛ إذ يقولون: إنَّ كلامَ اللهِ الحروفُ
دونَ المعاني. فيقولون: إنَّ مُسمَّى القولِ والكلامِ عندَ الإطلاقِ اسمٌ للَّفظ
فقط، والمعنى لَيسَ جُزءَ مُسمَّاه، بل مَدلُولُ مُسمَّاه.
ثمَّ ذَكَر رحمه
الله المذهبَ المُقابلَ لذلك، فقال: «وَلا المَعَانِي دُونَ الحُروفِ» كما
هو مذهب الكِلابيّة والأشاعرة، وكما سبق شرحه.
والمذهبُ الحقُّ: أنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ، حروفَه ومعانِيَه، كما هو قولُ أهلِ السُّنَّة والجَماعَة، وهو الَّذي قامت عليه الأَدِلَّةُ من الكتابِ والسُّنَّةِ. والحمد لله ربِّ العالمين.
الصفحة 4 / 220