×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

 وَمَنْ رَجَّحَ الثَّانِيَ قَالَ: صِحَّةُ النَّقْلِ بِهِمَا تُوجِبُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لَكِنَّ الرَّفْعَ إِلَى الأُْذُنِ أَزْيَدُ، فَيَكُونُ أَوْلَى؛ لأَِنَّهُ زِيَادَةُ عِبَادَةٍ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ آخِرَ الأَْمْرَيْنِ؛ لأَِنَّ الوُفُودَ إِنَّمَا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلأَِنَّ الاِنْتِقَالَ مِنَ النَّقْصِ إِلَى الزِّيَادَةِ هُوَ اللاَّئِقُ، لاَ سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِمَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ وَمَنْ مَعَهُ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ([1])، وَقَدْ رَأَوْهُ يُصَلِّي رَافِعًا يَدَيْهِ إِلَى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: «لَعَلَّ الرَّفْعَ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ كَانَ لِعُذْر مَنْ بِهِ دَاءٌ وَغَيْرُهُ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ».

****

الشرح

قوله: «فَيَكُونُ أَوْلَى»، يعني: رفع اليدين إلى الأذن فيه زيادة على الرفع إلى المنكبين، فيكون أولى وأفضل، «وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ آخِرَ الأَْمْرَيْنِ» أي: استقر عليه الأمر؛ لأنه بعد أن فتح الله مكة على رسوله صلى الله عليه وسلم، أقبلت وفود العرب تعلن إسلامها، وتبايع الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان فيهم مالك بن الحويرث، ووائل بن حجر، فيكون آخر الأمرين: الرفع إلى الأذنين.

وقوله: «وَلأَِنَّ الاِنْتِقَالَ مِنَ النَّقْصِ إِلَى الزِّيَادَةِ هُوَ اللاَّئِقُ» هذا مثل ما قاله الأول: إن الرفع إلى الأذنين فيه زيادة عبادة على الرفع إلى المنكبين، وما كان فيه زيادة عبادة، فهو أفضل، وهذا ما رآه مالك بن الحويرث رضي الله عنه ومن معه من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال لهم: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»، وهذا ما يرجح القول الثاني.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (631)، ومسلم رقم (674).