وَإِذَا
رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ هَذَا، وَلَفْظُ البُخَارِيِّ: «كَبَّرَ
وَرَفَعَ يَدَيْهِ» ([1])، وَإِنَّمَا
اخْتَرْنَا الأَْوَّلَ؛ لأَِنَّ أَكْثَرَ الأَْحَادِيثِ تَدُلُّ عَلَيْهِ،
وَلأَِنَّ الرَّفْعَ هَيْئَتُهُ لِلتَّكْبِيرِ، فَكَانَ مَعَهُ كَسَائِرِ
الهَيْئَاتِ.
وَمَعْنَى
قَوْلِنَا: «يُنْهِيهِ مَعَ انْتِهَائِهِ»: لأَِصْحَابِنَا فِيهِ وَجْهَانِ مُومَئٌ
إِلَيْهِمَا مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ رحمه الله:
أَحَدُهُمَا:
أَنْ يُنْهِيَهُ قَبْلَ حَطِّ يَدَيْهِ، فَلاَ يُرْسِلُ يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ
يَقْضِيَ التَّكْبِيرَ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلاَمِهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ «رَفْعُ
اليَدَيْنِ مَعَ التَّكْبِيرِ»، فَإِنَّ الرَّفْعَ لاَ يَدْخُلُ فِيهِ الْوَضْعُ
وَالإِْرْسَالُ، وَعَلَى هَذَا فَقَدْ يَحْتَاجُ أَنْ يُثَبِّتَهُمَا
مَرْفُوعَتَيْنِ إِذَا طَوَّلَ التَّكْبِيرَ حَتَّى يُفَرِّقَ، وَإِنْ جَزَمَ
التَّكْبِيرَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي وَالآْمِدِيِّ
وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِنَا؛ لأَِنَّ قَوْلَهُ: «يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ
التَّكْبِيرِ»، «وَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ» يُوجِبُ ذَلِكَ، وَعَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ
يَرْفَعُهُمَا مَعَ التَّكْبِيرِ» ([2]).
وَإِنْ رَفَعَهُمَا ثُمَّ كَبَّرَ وَهُمَا مَرْفُوعَتَانِ ثُمَّ أَرْسَلَهُمَا جَازَ، كَمَا اخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ».
([1]) أخرجه: البخاري رقم (737).