ولكن على قدر الحاجة، وقد ثبت عند أبي داود من حديث سهل ابن الحنظلية رضي
الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في إحدى غزواته، فندب للجيش فارسًا
يحرسه، وقال له: «اسْتَقْبِلْ هَذَا
الشِّعْبَ حَتَّى تَكُونَ فِي أَعْلاَهُ، وَلاَ نُغَرَّنَّ مِنْ قِبَلِكَ
اللَّيْلَةَ»، قال سهل ابن الحنظلية: «فلما
أصبحنا، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصلاه، فركع ركعتين، ثم قال: «هَلْ
أَحْسَسْتُمْ فَارِسَكُمْ؟»، قالوا: يا رسول الله، ما أحسسناه، فثوب بالصلاة،
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وهو يلتفت إلى الشعب» ([1])، يعني: يترقب قدوم
الفارس، ويخشى أن يبغتهم العدو من الشعب، فهذا التفات لحاجة.
وقوله: «أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ
رَأْسَهُ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ أَنْ لاَ يَرْجِعَ إِلَيْهِ بَصَرُهُ؟» هذا
وعيد شديد على من يرفع بصره إلى السماء؛ أنه يخشى أن يخطف الله بصره فلا يرجع
إليه.
وقوله: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ» هذا استنكار من
الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقوله: «أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ»؛
عقوبة لهم؛ لأن الله قادر على كل شيء.
ولما سألت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في
الصلاة، قال: «اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ
الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ الْعَبْدِ»، فهذا فيه النهي عن الالتفات في الصلاة
لغير حاجة، وأنه من الشيطان.
وقوله: «لاَ يَزَالُ اللهُ مُقْبِلاً عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ»، إذا قام العبد في الصلاة، فإن الله جل وعلا يقبل على عبده ما دام مقبلاً عليه؛ يسمع ما يقول، ويجيب دعاءه، «فَإِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ» والتفت يمنة ويسرة «انْصَرَفَ» الله «عَنْهُ»؛ لأن الجزاء من جنس العمل.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (2501).