الثَّانِي: أَنَّ هَذَا جَهَرَ
عُمَرُ بِهِ فِي الفَرِيضَةِ؛ لِيُعَلِّمَهُ النَّاسَ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يُنْكِرُوهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ إِنَّمَا
يُعَلِّمُ النَّاسَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلاَ شَيْءَ
يَخْتَارُهُ لِنَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ أَقَرَّهُ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ
يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، بَلْ قَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عُثْمَانَ
مِثْلَ ذَلِكَ، وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَ ذَلِكَ،
وَإِذَا كَانَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ عَلَى ذَلِكَ؛ عُلِمَ أَنَّهُ
الْمَسْنُونُ غَالِبًا.
الثَّالِثُ:
مَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ
حِينَ تَقُومُ﴾ [الطُّور: 48]، قَالَ: حِينَ تَقُومُ إِلَى الصَّلاَةِ،
قَالَ: تَقُولُ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ،
وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ» ([1])، وَقَالَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلأَْعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ فِي صَلاَتِهِ: «لاَ
تَتِمُّ صَلاَةٌ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ فَيَضَعَ الْوُضُوءَ
مَوَاضِعَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَيَحْمَدُ اللهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ
بِمَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ» ([2])، رَوَاهُ أَبُو
دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، فَالاِفْتِتَاحُ بِهَذَا أَشْبَهُ بِامْتِثَالِ
الأَْمْرِ فِي الكِتَابِ وَالسُّنةِ.
****
الشرح
الثاني: من وجوه ترجيح «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ» في الفريضة: أن عمر من جهر به؛ ليعلمه الناس، «وَلَمْ يُنْكِرُوهُ عَلَيْهِ»، فدل على تأكده في الفريضة، وترجيحه على غيره.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (775)، والترمذي رقم (242)، والنسائي رقم (8::)، وابن ماجه رقم (804).