×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

وقوله: «وَضَمَّ إِلَيْهَا: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ»؛ فقد أَتَى بِمَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ»، يعني: إذا جمعت بين تكبيرة الإحرام وبين هذا الاستفتاح، وجدته يطابق حديث: «أَفْضَلُ الْكَلاَمِ بَعْدَ الْقُرْآنِ أَرْبَعٌ».

وقوله: «وَالْجَدُّ» بفتح الجيم «هُوَ الْعَظَمَةُ وَالْكِبْرِيَاءُ» لله عز وجل وأما بالنسبة للخلق، فالجد معروف أنه أب الأب، أو أب الأم نسبًا، وأما الجد بالكسر فهو: الاجتهاد في العمل والمبالغة فيه، ويأتي بمعنى الحق، نقيض الهزل.

وقوله: «وَهُوَ الْمَثَلُ الأَْعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضِ» المذكور في قول الله -تعالى-: ﴿وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ [الروم: 27]، فالمثل الأعلى هو: هذا الدعاء، «تعالى جدك» أي: مثلك وصفتك.

الوجه الخامس: أن هذه الكلمات: ««سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ»» كلها متفرقة في القرآن، فهي ألفاظ قرآنية، والألفاظ القرآنية أفضل من غيرها من أنواع الذكر.

وقوله: «يَتَأَوَّلُ هَذِهِ الآْيَةَ» في سورة النصر: ﴿إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ ١وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا ٢فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا ٣ [النصر: 1،3]، فكان صلى الله عليه وسلم في آخر حياته يقول ذلك في ركوعه وسجوده بعدما نزلت عليه هذه السورة؛ كما في حديث عائشة رضي الله عنها - قالت: «ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن نزلت عليه: ﴿إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ إلا يقول فيها: «سُبْحَانَكَ رَبِّي وَبِحَمْدِكَ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي» ([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4:67)، ومسلم رقم (484).