فَهَذِهِ
الاِسْتِفْتَاحَاتُ مُسْتَحَبَّةٌ فِي النَّافِلَةِ، كَمَا جَاءَتْ بِهَا
السُّنةُ، وَلاَ بَأْسَ بِهَا فِي الْفَرْضِ، بَلِ الاِسْتِفْتَاحُ بِهَا حَسَنٌ،
نَصَّ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، قَالَ فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ: أَنَا
أَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ عُمَرَ، [وَإِنْ قَالَ] كُلَّ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَعَامَّةِ مَا قَالَ فِي صَلاَةِ
اللَّيْلِ، وَقَالَ: مَا أَحْسَنَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الاِفْتِتَاحِ،
وَقَالَ فِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: مَا أَدْفَعُ مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ،
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْحَارِثِ: أَذْهَبُ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ.
وَلَوْ
أَنَّ رَجُلاً اسْتَفْتَحَ بِبَعْضِ مَا رُوِيَ مِنَ الاِسْتِفْتَاحِ كَانَ
حَسَنًا؛ فَقَدْ نَصَّ عَلَى جَوَازِ الْجَمِيعِ وَاسْتِحْسَانِهِ، مَعَ تَفْضِيلِ
اسْتِفْتَاحِ عُمَرَ، وَقَدْ قَالَ أَيْضًا: أَذْهَبُ فِي الصَّلاَةِ إِلَى
افْتِتَاحِ عُمَرَ، قِيلَ لَهُ: فَهَذِهِ الأَْحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ عَنِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ: تَرَى أَنَّ افْتِتَاحَ النَّبِيِّ صلى
الله عليه وسلم الَّتِي جَاءَتْ عَنْهُ أَنَّهُ فِي التَّطَوُّعِ إِلاَّ حَدِيث
عَائِشَةَ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْقَاسِمِ: «مَا يُرْوَى مِنْ تِلْكَ
الأَْحَادِيثِ إِنَّمَا هِيَ عِنْدِي فِي صَلاَةِ التَّطَوُّعِ».
قَالَ الْقَاضِي: «فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ لَمْ يُسْتَحَبَّ فِعْلُهَا فِي صَلاَةِ الْفَرْضِ؛ لأَِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُسْتَحَبَّةً فِيهَا لَخَصَّ بِهَا النَّفْلَ دُونَ الْفَرْضِ»، وَهَذَا كَالدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَلَمْ يُكْرَهْ فِي الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ، عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَكَالْقُنُوتِ فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ، وَالصَّحِيحُ الصَّرِيحُ هُوَ الرِّوَايَةُ الأُْولَى، وَأَنَّ ذَلِكَ جَمِيعَهُ حَسَنٌ فِي الْفَرْضِ أَيْضًا؛ لأَِنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ صَرِيحٌ أَنَّهُ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ قَدْ رُوِيَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ، وَحَدِيثُ جُبَيْرٍ قَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي أَوْفَى نَحْوَهُ فِي الْفَرِيضَةِ؛ لأَِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي افْتَتَحَ الْفَرِيضَةَ بِقَوْلِهِ: «اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا».