×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

 فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ أَنَّهُ جَهَرَ بِهَا، رَوَاهَا الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَرُوِيَ أَيْضًا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي الزَّجْرِ عَنْ تَرْكِهَا.

فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى تَرْكَ الْجَهْرِ أَرَادَ بِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْفِضُ بِهَا صَوْتَهُ، وَيَجْهَرُ بِهَا جَهْرًا خَفِيًّا، ثُمَّ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِسَائِرِ السُّورَةِ.

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْجَهْرُ بِهَا وَالإِْسْرَارُ سَوَاءً؛ لِمَجِيءِ الأَْحَادِيثِ بِهِمَا، بَنَى عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ أَحْيَانًا، وَيُخْفِي أَحْيَانًا.

قَالَ بَعْضُهُمْ: يَكُونُ الْجَهْرُ بِهَا عَلَى حَرْفِ مَنْ يَعُدُّهَا مِنَ الْفَاتِحَةِ، وَتَرْكُهُ عَلَى حَرْفِ مَنْ لاَ يَعُدُّهَا مِنَ الْفَاتِحَةِ، وَهُمَا حَرْفَانِ مَشْهُورَانِ، أَوْ يَكُونُ الْجَهْرُ أَوْلَى؛ لأَِنَّهَا إِمَّا أَنْ تَكُونَ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ فَيَجْهَرُ بِهَا كَمَا يَجْهَرُ بِسَائِرِ الْفَاتِحَةِ، أَوْ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ فَيَجْهَرُ بِهَا كَسَائِرِ الْقُرْآنِ، وَإِذَا كَانَتِ التَّسْمِيَةُ مَشْرُوعَةً فِي أَوَّلِ الْوُضُوءِ؛ فَفِي الصَّلاَةِ أَوْلَى.

قُلْنَا: أَمَّا الأَْحَادِيثُ فَضَرْبَانِ: مَا صُرِّحَ فِيهِ بِذِكْرِ الْجَهْرِ فَلَيْسَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ صَحِيحٌ يَخْرُجُ بِهِ الْحُجَّةُ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَصْحَابِ السُّننِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ أَحَادِيثِ الْجَهْرِ: «لَيْسَ فِيهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ صَحِيحٌ»، وَأَمَّا عَنِ الصَّحَابَةِ؛ فَمِنْهُ صَحِيحٌ وَمِنْهُ ضَعِيفٌ، وَمَنْ تَتَبَّعَ أَسَانِيدَهَا عَلِمَ الضَّعِيفَ فِيهَا، وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَهَا مِنْ رِوَايَةِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ قَدْ


الشرح