صَحَّ
عَنْهُمْ عَدَمُ الْجَهْرِ، مِثْلُ عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَأَنَسٍ، فَكَيْفَ وَمَا
لَمْ يُصَرَّحْ فِيهِ بِالْجَهْرِ وَإِنَّمَا فِيهِ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ
ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ [الفَاتِحَة: 1] فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِنَانِ
قِرَاءَتِهَا، وَالرَّدِّ عَلَى مَنْ رَغِبَ عَنْهُ.
قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ: «الأَْحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي تَرْكِ قِرَاءَةِ: ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ
ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ فَلَيْسَ هُوَ عَلَى الْجَهْرِ بِهَا، وَإِنَّمَا
غَلَّطُوا تَرْكَ قِرَاءَتِهَا فِي الصَّلاَةِ أَوْ غَيْرِ الصَّلاَةِ، إِلاَّ
أَنَّهُ يُسِرُّهَا فِي الصَّلاَةِ».
وَمَنْ نُقِلَ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِهِ الْجَهْرُ، مِثْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ عُمَرَ؛ فقد نُقِلَ عَنْهُمُ الإِْسْرَارُ بِهَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ جَهَرَ بِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ كَانَ مَقْصُودُهُ تَعْلِيمَ النَّاسِ أَنَّ قِرَاءَتَهَا سُنَّةٌ، كَمَا جَهَرَ عُمَرُ بِالاِسْتِفْتَاحِ، وَكَمَا جَهَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِالاِسْتِعَاذَةِ، وَكَمَا جَهَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقَرَاءَةِ أُمِّ الْكِتَابِ عَلَى الجَنَازَةِ، وَهَذَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - مَعْنَى قَوْلِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدْ سَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ: أَتَجْهَرُ بِـ ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ [الفَاتِحَة: 1] ؟ قَالَ: بِالْمَدِينَةِ نَعَمْ، وَهَاهُنَا مَنْ كَانَ يَقُولُ: إِنَّهَا آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ، مِثْلُ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ [الفَاتِحَة: 1] آيَةٌ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ: هِيَ إِحْدَى آيَاتِهَا، وَابْنُ الزُّبَيْرِ: «كَانُوا يَجْهَرُونَ بِـ ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ [الفَاتِحَة: 1] »، وَيَتَأَوَّلُونَهَا أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ»، وَحَمَلَ الْقَاضِي هَذَا عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ كَانُوا يَرَوْنَ الْجَهْرَ، فَإِذَا خَافَتَ اسْتَنْكَرُوا فِعْلَهُ فَلَمْ يُصَلُّوا مَعَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ كَانُوا لاَ يَقْرَؤُونَها سِرًّا وَلاَ جَهْرًا، فَأَرَادَ أَحْمَدُ رضي الله عنه أَنْ يَجْهَرَ بِهَا الرَّجُلُ هُنَاكَ؛ لِيُبَيِّنَ أَنَّ قِرَاءَتَهَا سُنَّةٌ، وَيَكُونُ قُدْوَتُهُ فِي