×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

 قُلْنَا: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا الْقِرَاءَةَ عَلَى الْمَأْمُومِ، وَإِنَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ يَسْتَحِبُّ الْقِرَاءَةَ، وَيَرَاهَا، وَبَعْضُهُمْ لاَ يَسْتَحِبُّهَا، وَبَعْضُهُمْ لاَ يَفْعَلُهَا؛ كَاخْتِلاَفِهِمْ فِي الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ، وَلَوْ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ وَاجِبَةً عَلَى الْمَأْمُومِ وُجُوبَهَا عَلَى الإِْمَامِ؛ لَأَفْصَحُوا بِذَلِكَ وَبَيَّنُوهُ، وَلَمْ يُفَسِّرُوا حَدِيثَ النَّبِيِّ بِأَنَّ قِرَاءَةَ الإِْمَامِ تَكْفِي الْمَأْمُومَ.

وَأَيْضًا: فَلَعَلَّ مَنْ شَدَّدَ فِي تَرْكِ الْقِرَاءَةِ لِمَا بَلَغَهُ أَنَّ أُنَاسًا يَرَوْنَهَا وَاجِبَةً، حَتَّى إِنَّهُمْ يَقْرَؤُونَ مَعَ جَهْرِ الإِْمَامِ، فَبَالَغَ فِي الإِْنْكَارِ عَلَيْهِمْ بِأَنْ أَمَرَ بِتَرْكِهَا بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِيَتَبَيَّنَ لِلنَّاسِ أَنَّهَا لَيْسَتْ وَاجِبَةً، كَمَا أَمَرَ بَعْضُهُمْ مَنْ صَامَ فِي السَّفَرِ بِالْقَضَاءِ، لَمَّا رَأَى مِنْهُ تَعْظِيمًا لِلْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، وَضَرْبًا مِنَ الْغُلُوِّ فِي الدِّينْ، وَكَمَا أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ عَلَى مَنْ يَرَى الاِسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ؛ لِمَا رَأَى مِنْ مُحَافَظَتِهِمْ عَلَى الْمَاءِ مُحَافَظَةَ مَنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ، وَكَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: «صَلاَةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، مَنْ خَالَفَ السُّنةَ كَفَرَ» يَعْنِي: مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ رَكْعَتَيْنِ لاَ تَجْزِيَانِهِ، وَهَذَا كَثِيرٌ فِي أُمُورِهِمْ، وَمَنْ أَمَرَ بِهَا فَلَعَلَّهُ لِمَا رَأَى مِنْ رَغْبَةِ بَعْضِ النَّاسِ عَنِ الْقِرَاءَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، كَمَا [يُؤْمَرُ] النَّاسُ بِالسُّننِ الْمُسْتَحَبَّةِ.

وَأَيْضًا: فَلَوْ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْمَأْمُومِ وَاجِبَةً؛ لَأَنْكَرَ مَنْ فَعَلَهَا عَلَى مَنْ يَتْرُكُهَا، كَمَا أَنْكَرَ مَنْ تَرَكَهَا عَلَى مَنْ فَعَلَهَا، وَالْمَأْثُورُ عَنْهُمْ مُجَرَّدُ الْفِعْلِ لاَ الإِْنْكَارُ عَلَى التَّارِكِ.


الشرح