×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قِيلَ لِلإِْمَامِ أَحْمَدَ: إِنَّ فُلاَنًا قَالَ: قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ - يَعْنِي خَلْفَ الإِْمَامِ - مَخْصُوصٌ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ [الأَْعْرَاف: 204] فَقَالَ: عَمَّنْ يَقُولُ هَذَا؟ أَجْمَعَ النَّاسُ أَنَّ هَذِهِ الآْيَةَ فِي الصَّلاَةِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ فِي هَذِهِ الآْيَةِ: هِيَ فِي الصَّلاَةِ وَالْخُطْبَةِ، وَهَذَا لأَِنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلاَةِ وَالْخُطْبَةِ إِنَّمَا شُرِعَتْ لأَِجْلِ اسْتِمَاعِ النَّاسِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَاجِبًا؛ لَبَطَلَ مَعْنَى الاِقْتِدَاءِ فِي الصَّلاَةِ وَالْخُطْبَةِ.

وَالإِْنْصَاتُ: السُّكُوتُ عَلَى وَجْهِ الإِْصْغَاءِ إِلَى الشَّيْءِ، وَيُقَالُ: الاِسْتِمَاعُ، وَالإِْنْصَاتُ: الإِْصْغَاءُ إِلَى الْكَلاَمِ، وَالإِْقْبَالُ عَلَيْهِ؛ فقد أَمَرَ بِاسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ وَبِالسُّكُوتِ إِذَا كَانَ الإِْمَامُ يَقْرَأُ، وَفِي الاِشْتِغَالِ بِالْقِرَاءَةِ تَرْكٌ لِهَذَيْنِ الْوَاجِبَيْنِ، وَالْفَاتِحَةُ وَغَيْرُهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.

وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللهِ خَطَبَنَا، فَعَلَّمَنَا سُنَّتَنَا، وَبَيَّنَ لَنَا صَلاَتَنَا، فَقَالَ: «لِيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا»، رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلاَّ الْبُخَارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِْمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا»، رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلاَّ التِّرْمِذِيَّ، وَقَالَ مُسْلِمٌ: هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ.

وَصَحَّحَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَحْمَدُ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا، وَهَذَا أَمْرٌ بِالإِْنْصَاتِ عَنِ الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَوْ كَانُوا مَأْمُورِينَ بِالإِْنْصَاتِ إِلاَّ حَالَ قِرَاءَتِهِمُ الْفَاتِحَةَ لَوَجَبَ بَيَانُ ذَلِكَ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلاَمِ


الشرح