الثَّانِي: وَرَوَى
سَعِيدٌ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ
لأَِصْحَابِهِ: «أَتَقْرَؤُونَ خَلْفَ الإِْمَامِ؟»، فَقَالَ بَعْضٌ: نَعَمْ،
وَقَالَ بَعْضٌ: لاَ، قَالَ: «إِنَ كُنْتُمْ لاَ بُدَّ فَاعِلِينَ؛ فَلْيَقْرَأْ
[أَحَدُكُمْ] بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي نَفْسِهِ»، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي
«الْمُسْنَدِ» بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَائِشَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
«لَعَلَّكُمْ تَقْرَؤُونَ خَلْفَ الإِْمَامِ وَالإِْمَامُ يَقْرَأُ!»، قَالَ:
إِنَّا لَنَفْعَلُ ذَلِكَ، قَالَ: «فَلاَ تَفْعَلُوا إِلاَّ أَنْ يَقْرَأَ
أَحَدُكُمْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ» وَقَالَ: بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَهَذَا دَلِيلٌ
عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقْرَؤُونَ
خَلْفَ الإِْمَامِ، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ لاَ يَقْرَأُ، وَلَوْ كَانَتِ
الْقِرَاءَةُ وَاجِبَةً عَلَى الْمَأْمُومِ؛ لَكَانَ قَدْ أَمَرَهُمْ بِهَا
وَأَعْلَمَهُمْ؛ لأَِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لاَ
يَجُوزُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ﴾ [الْمُزَّمِّل: 20]، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْقِرَاءَةَ الْمَفْرُوضَةَ فِي الصَّلاَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ﴾ [الْمُزَّمِّل: 20]، وَلأَِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ فِي أَوَّلِ الأَْمْرِ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَكَانَ وُجُوبُ الْفَاتِحَةِ بِالْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ - وَاللهُ أَعْلَمُ - التِّلاَوَةُ الْمَأْمُورُ بِهَا عِوَضًا عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، فَإِنَّ حَافِظَ الْقُرْآنِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتْلُوَهُ، وَإِذَا نَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتْلُوَهُ بِحَيْثُ لاَ يَنْسَاهُ، وَسِيَاقُ الآْيَةِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا؛ حيث قَالَ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعۡلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدۡنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيۡلِ وَنِصۡفَهُۥ وَثُلُثَهُۥ﴾ [الْمُزَّمِّل: 20] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿عَلِمَ أَن لَّن تُحۡصُوهُ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرۡضَىٰ﴾ [الْمُزَّمِّل: 20] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنۡهُۚ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ﴾ [الْمُزَّمِّل: 20].
الموضوعات
البحث
السيرة الذاتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح الفوزان حفظه الله 
السيرة الذاتية لمعالي الشيخ الدكتور عبد السلام السليمان حفظه الله 
إذن النشر والطباعة 
عن الموسوعة 
دار المأثور للنشر والتوزيع