أَنْ يُقَالَ: إِنَّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لَهُمْ فِي قِرَاءَتِهَا فِي حَالِ
جَهْرِهِ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ يَسْكُتُ لَهُمْ سَكْتَةً بِقَدْرِهَا، فَهَذَا لاَ
يَجُوزُ، وَلأَِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمَّا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:
أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ؛ مَا تَقُولُ؟ عُلِمَ
أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَكْتَةٌ بِقَدْرِ هَذِهِ، وَلَوْ كَانَتْ سَكْتَةٌ
بَعْدَ الْفَاتِحَةِ بِقَدْرِهَا لَكَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ.
وَلأَِنَّ
هَذِهِ الْمَذَاهِبَ كُلَّهَا مِنْ فُرُوعِ تَوْكِيدِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ
عَلَى الْمَأْمُومِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلأَِنَّ الإِْمَامَ لَوْ تَرَكَ هَذِهِ
السَّكَتَاتِ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ ذَلِكَ، كَمَا قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ:
أَنَّ مِنَ الأَْئِمَّةِ مَنْ يَسْكُتُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لاَ يَسْكُتُ، ولَمْ
يُعِبْ عَلَى مَنْ يَسْكُتُ، وَلَوْ كَانَ تَفْوِيتُ الْمَأْمُومِ الْقِرَاءَةَ
مَكْرُوهًا؛ لَكُرِهَ تَرْكُ السُّكُوتِ.
****
الشرح
وقوله: «وَعْنُه...»: عن الإمام أحمد: إذا قرأ
في سكتات الإمام، وفرق الفاتحة في سكتات الإمام، «أَرْجُو أَنْ لاَ يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ» أي: تصح الفاتحة، ولو فرقت.
وقوله: «فَمِنْ أَصْحَابِنَا» يعني: الحنابلة «مَنِ اسْتَحَبَّ هَذِهِ السَّكْتَةَ
أَيْضًا؛ لِيَسْتَرِيحَ فِيهَا، وَلِيَقْرَأَ مَنْ خَلْفَهُ الْفَاتِحَةَ؛
لِئَلاَّ يُنَازِعُوهُ فِيهَا»، وهذا الذي عليه العمل الآن.
وقوله: «وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ» ابن عوف، وهو من كبار علماء التابعين، وقوله دليل على السكتة بعد قوله: ﴿وَلَا ٱلضَّآلِّينَ﴾ [الْفَاتِحَة: 7].