وَقَالَ
أَيْضًا: لاَ تَقْرَأْ فِيمَا يَجْهَرُ، وَتَقْرَأُ فِيمَا يُسِرُّ، وَإِنْ كَانَ
لِلإِْمَامِ سَكْتَةٌ فِيمَا يَجْهَرُ يَقْرَأُ، وَلأَِنَّهُ شَبَّهُ السُّكُوتَ
مِنَ الْحَمْدِ بِالسُّكُوتِ مِنَ السُّورَةِ، وَكَمَا تَقَدَّمَ، وَتِلْكَ
سَكْتَةٌ يَسِيرَةٌ لاَ يُقْصَدُ بِهَا قِرَاءَةُ الْمَأْمُومِ؛ وَهَذَا لأَِنَّ
السُّكُوتَ الْمَذْكُورَ لاَ يَدُلُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الأَْحَادِيثِ، فَلاَ
وَجْهَ لِإِثْبَاتِهِ.
وَلأَِنَّهُ
لَوْ سَنَّ السُّكُوتَ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، لَسَنَّ لِقِرَاءَةِ السُّورَةِ،
وَلَسَنَّ عِنْدَ الرُّكُوعِ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ لِمَنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ
الْفَاتِحَةِ، وَلَجَازَ أَنْ يَجْهَرَ الْمَأْمُومُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِ،
وَلأَِنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ لَيْسَتْ مُسْتَحَبَّةً لِلْمَأْمُومِ إِلاَّ
بِشَرْطِ سُكُوتِ الإِْمَامِ؛ لِئَلاَّ تَخْلُوَ الصَّلاَةُ عَنْ قِرَاءَةٍ أَوِ
اسْتِمَاعٍ، فَلَوِ اسْتَحْبَبْنَا السُّكُوتَ لأَِجْلِهَا كَانَ دَوْرًا،
وَلأَِنَّ الْمَأْمُومَ لَوْ تَرَكَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ
ذَلِكَ، وَالسُّكُوتُ فِي الصَّلاَةِ مَكْرُوهٌ فِي الأَْصْلِ، فَكَيْفَ
يَلْتَزِمُ الْمَأْمُومُ فِعْلَ الْمَكْرُوهِ لِيُحَصِّلَ مَا لاَ كَرَاهَةَ فِي
تَرْكِهِ؟
وَلأَِنَّ
مَنْ نَازَعَ الإِْمَامَ الْقِرَاءَةَ فَقَدْ أَخْطَأَ السُّنةَ، فَكَيْفَ
يَتْرُكُ الإِْمَامُ السُّنةَ احْتِرَازًا مِنْ خَطَإِ الْمُخْطِئِ؟ وَلأَِنَّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْكُتُهَا، وَأَصْحَابُهُ يَقْرَؤُونَ
فِيهَا، لَمْ يَصِحَّ احْتِجَاجُ مَنْ يَحْتَجُّ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ حِينَ
الْجَهْرِ بِمَا تَقَدَّمَ، فَلاَ يَبْقَى شَيْءٌ يَتَوَكَّدُ بِهِ الْقِرَاءَةُ
عَلَى الْمَأْمُومِ فِي حَالِ الْجَهْرِ.
وَإِذَا لَمْ تَكُنِ الْقِرَاءَةُ مُتَوَكِّدَةً فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى السُّكُوتِ، وَإِنْ كَانَ لاَ يَسْكُتُهَا فِي وَجْهٍ؛ لاِسْتِحْبَابِ سُكُوتِهَا، فَإِمَّا