وقوله: «وَالْغَالِبُ أَنَّ أَوَاخِرَ السُّوَرِ
مُرْتَبِطَةٌ بِأَوَائِلِهَا»، فإذا ترك أولها، يكون قد فصل بين معاني آيات
السورة.
الثاني: يُكره أن يقرأ من وسط السورة، ولا يكره من آخرها؛ «لما روى الخلال عن عبد الله» ابن مسعود
رضي الله عنه «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي
آخِرِ رَكْعَةٍ مِنَ الْفَجْرِ آخِرَ آلِ عِمْرَانَ، وَآخِرَ الْفُرْقَانِ»،
فدل هذا أنه لا بأس بقراءة أواخر السور في الفريضة، أما أوساطها، فلم يرد فيه شيء
من هذا.
وقد سُئل الحسن البصري رحمه الله عن هذه المسألة، فأخبر أنه غزا مع أصحاب
رسول صلى الله عليه وسلم، ووجدهم يَقْرَؤُونَ في الفريضة بِخَاتِمَةِ الْبَقَرَةِ،
وَبِخَاتِمَةِ الْفُرْقَانِ، وَبِخَاتِمَةِ الْحَشْرِ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ لاَ
يُنْكِرُ عَلَى بَعْضٍ، فدل على جواز قراءة أواخر السور في الفرض.
بل إن بعضهم كان يقرأ آية واحدة إذا كانت طويلة، ويقتصر عليها في الفريضة، مثل
آية الدين: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى فَٱكۡتُبُوهُۚ﴾ [البقرة: 282]، إلى
آخر الآية صفحة كاملة، أو آية الكرسي: ﴿ٱللَّهُ
لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ﴾ [البقرة: 255]؛ لأنها
آية طويلة، فدل على جواز الاقتصار على قراءة الآية الطويلة في الفريضة.
قال: «لأَِنَّ تِلاَوَتَهَا لاَ
تُكْرَهُ خَارِجَ الصَّلاَةِ، فَكَذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ» لا سيما وأن الله جل
وعلا قال: ﴿فَٱقۡرَءُواْ مَا
تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ﴾ [المزمل: 20]، «وَلأَِنَّهَا
لاَ تُكْرَهُ فِي النَّافِلَةِ، فَكَذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ»، فما جاز في
النافلة يجوز في الفريضة، إلا بدليل يدل على الفرق؛ لأن كلتا الصلاتين سواء.
قال: «وَقَدْ دَلَّ عَلَى الأَْصْلِ مَا وَرَدَ فِي قِرَاءَةِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَالآْيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ، وَقِرَاءَةِ الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ مِنْ آلِ عِمْرَانَ»، كل هذا يدل على أنه لا بأس بقراءة أواخر السور في الصلاة، «وَمَا