وقد تقدم في حديث حذيفة
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بها «البقرة» و«النساء» و«آل عمران»، فقدم «النساء» على «آل عمران»،
وهي قبلها في المصحف، فدل على أن تنكيس السور لا مانع منه، وقد فعله النبي صلى
الله عليه وسلم.
وكذلك في حديث الرجل الذي كان كرر سورة الإخلاص في كل ركعة، ويقرأ بعدها
سورة أخرى، وقد لا تكون السورة بعدها في الترتيب، بل تكون قبلها أحيانًا وبعدها
أحيانًا، وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وهذا في ركعة واحدة، فمن باب
أولى أنه يجوز في ركعتين.
قال: «وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَقَرَأَ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ: ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1]، وَفِي الثَّانِيَةِ: ﴿قُلۡ
يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [الكافرون: 1] » قبل سورة الإخلاص
في ترتيب المصحف، فدل هذا على الجواز.
قال: «وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: «قَرَأَ
الأْحْنَفُ بِالْكَهْفِ فِي الأْولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ بِيُونُسَ أَوْ يُوسُفَ»»،
وسورة «الكهف» بعد سورة «يونس»، في ترتيب المصحف، «وَذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ
الصُّبْحَ بِهَا» يعني: قرأ سورة في الأولى سورة متأخرة في المصحف، وقرأ في
الثانية سورة قبلها، فدل على الجواز.
قال: «فَأَمَّا تِكْرَارُ الآْيَةِ أَوِ السُّورَةِ الْوَاحِدَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَة»، وقد سبق هذا من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كرر: ﴿إِن تُعَذِّبۡهُمۡ فَإِنَّهُمۡ عِبَادُكَۖ وَإِن تَغۡفِرۡ لَهُمۡ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ﴾ [المائدة: 118]، ورددها في ركعة واحدة، فدل على جواز ذلك، وكذلك لو كرر السورة في ركعة واحدة، لم يخرج عن أنه قرأ القرآن، فلا مانع؛ لأنه إذا جاز في الآية الواحدة وفعله الرسول صلى الله عليه وسلم، فجوازه في السورة من باب أولى.