الحمدُ
للهِ الذي أرسلَ رسولَه بالهُدى ودينِ الحقّ؛ ليُظهرَه على الدينِ كلِّه، وكفى
بالله شهيدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريكَ له؛ إقرارًا به وتوحيدًا،
وأشهد أن مُحمَّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا مزيدًا.
*****
افتتح هذه الرسالةَ الجليلةَ بهذه الخطبة
المشتملة على حمدِ اللهِ والشهادتين والصَّلاة على رسوله؛ تأسيًا بالرَّسُول صلى
الله عليه وسلم في أحاديثه وخطبه، وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ
كَلاَمٍ ذِي بَالٍ، لاَ يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ» ([1]) -ويُروى: «ببسم
الله الرَّحمَن الرَّحيم»- ومعنى أقطع، أي: معدوم البركة، ويُجمع بين الروايتين
بأن الابتداءَ ببسم اللهِ حقيقيٌّ وبالحمد للهِ نسبيٌّ إضافي.
قوله: «الحمدُ لله» الألف واللام
للاستغراق، أي: جميع المحامد لله مِلكًا واستحقاقًا، والحمد لغة: الثناء بالصفات
الجميلة والأفعال الحسنة، وعرفًا: فعل يُنبِئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه مُنعِمًا،
وهو ضِدُّ الذَّم.
«لله» تقدَّم الكلام على
لفظ الجلالة.
﴿ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ﴾ [الفتح: 28] الله سبحانه يُحمد على نِعمِه التي لا تُحصى، ومن أجلِّ هذه النعم أن ﴿أَرۡسَلَ﴾ أي: بعث ﴿ رَسُولَهُۥ﴾ مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم والرَّسُول لُغة: مَن بُعث برسالة، وشرعًا: هو إنسانٌ ذَكَر أُوحِي إليه بشرعٍ وأُمِر بتبليغِه.
([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (1894)، وأحمد رقم (8712)، والدارقطني رقم (883)، وابن حبان رقم (1).