عن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ: ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ﴾يُرَدِّدُهَا،
فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ
لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه
وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ»
([1]) قال الإمام ابن
القَيِّم: «والأحاديث بكونها تعدل ثلث القرآن تكاد تبلغ مبلغ التواتر».
«حيث يقول» الله جل شأنه: ﴿ قُلۡ﴾ أي: يا مُحمَّد،
وفي هذا دليل على أن القرآنَ كلامُ الله، إذ لو كان كلام مُحمَّد أو غيره لم يقل: ﴿ قُلۡ﴾، ﴿ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ﴾ أي: واحد لا نظير
له ولا وزير، ولا مثيل، ولا شريك له.
﴿ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ﴾ أي: السيد الذي
كمُل في سُؤدُدِه وشرفِه وعظمتِه، وفيه جميعُ صفاتِ الكمال، والذي تصمِدُ إليه الخلائقُ
وتقصده في جميع حاجاتها ومُهماتها.
﴿لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ﴾ أي: ليس له ولد ولا
والد، وفيه الردُّ على النصارى ومشركي العرب الذين نسبوا لله الولد، ﴿ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ﴾ أي: ليس له مكافئ
ولا مماثل ولا نظير.
والشاهدُ من هذه السورة: أنها تضمنتْ وجمعتْ بين النفي والإثبات، فقولُه: ﴿ قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ١ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ٢﴾ إثبات، وقوله: ﴿ لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ ٣ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ ٤﴾ نفي.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5013).