وقوله:
﴿ فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهۡدِيَهُۥ
يَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِۖ وَمَن يُرِدۡ أَن يُضِلَّهُۥ يَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ
ضَيِّقًا حَرَجٗا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِۚ﴾ [الأنعام: 125].
*****
الشاهدُ من الآيات: أنَّ فيها إثباتَ
المشيئةِ والقوة والحكم والإرادة، صفات لله تَعالَى على ما يليقُ بجلالِه.
﴿فَمَن
يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهۡدِيَهُۥ﴾ أي: من شاء اللهُ سبحانه أن
يوفقَه ويجعلَ قلبَه قابلاً للخير، و ﴿مَن﴾: اسم شرط جازم، و﴿يُرِدِۡ﴾: مجزوم على أنه فعل
الشرط، ﴿يَشۡرَحۡ
صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِۖ﴾ مجزوم بجواب الشرط،
والشَّرح: الشَّق، وأصله التوسعة، وشرحت الأمر: بينته ووضحته، والمعنى: يوسع الله
صدره للحق الذي هو الإِسْلام حتى يقبله بصدر منشرح، ﴿وَمَن
يُرِدِۡ أَن يُضِلَّهُۥ﴾ أي: ومن شاء سبحانه أن
يصرفه عن قبول الحق، ﴿يَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ ضَيِّقًا﴾ أي: لا يتسعُ لقبول
الحق، ﴿حَرَجٗا﴾ أي: شديدُ الضيق،
فلا يبقى فيه منفذٌ للخير، وهو تأكيدٌ لمعنى ﴿كَأَنَّمَا
يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِۚ﴾ أصله: يتصعّد، أي: كأنما
تكلف ما لا يطيق مرة بعد مرة، كما يتكلف من يريد الصعود إلى السماء، شبه الكافر في
ثقل الإِيمَان عليه بمن يتكلف ما لا يطيقه كصعود السماء.
الشاهدُ من الآيةِ الكريمة: أن فيها إثباتَ الإرادةِ لله سبحانه، وأنها شاملةٌ للهداية والإضلال، أي: يريد الهدايةَ ويريد الإضلالَ كونًا وقدرًا لحكمة بالغة.