· فالإرادةُ الربانيةُ نوعان:
النوعُ الأول:
إرادةٌ كونيةٌ قدرية، وهذه مُرادِفة للمشيئة، ومن أمثلتها:
قوله تَعالَى: ﴿ وَإِذَآ أَرَدۡنَآ أَن
نُّهۡلِكَ قَرۡيَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا ﴾ [الإسراء: 16]
وقوله تَعالَى: ﴿وَإِذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ
بِقَوۡمٖ سُوٓءٗا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥۚ﴾ [الرعد: 11] وقوله: ﴿وَمَن يُرِدۡ أَن يُضِلَّهُۥ يَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ
ضَيِّقًا حَرَجٗا ﴾ [الأنعام: 125].
النوعُ الثاني:
إرادةٌ دينيةٌ شرعية، ومن أمثلتها قوله تَعالَى: ﴿وَٱللَّهُ
يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡكُمۡ﴾ [النساء: 27]، وقوله: ﴿مَا
يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجۡعَلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ حَرَجٖ وَلَٰكِن يُرِيدُ
لِيُطَهِّرَكُمۡ﴾ [المائدة: 6]، وقوله تَعالَى: ﴿إِنَّمَا
يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ﴾ [الأحزاب: 33].
· الفَرقُ بين الإرادتين:
1- الإرادةُ
الكونيةُ قد يحبُّها اللهُ ويرضاها، وقد لا يحبُّها ولا يرضاها، والإرادة الشرعية
لا بُدّ أنه يحبها ويرضاها، فاللهُ أراد المعصيةَ كونًا ولا يرضاها شرعًا.
2- والإرادةُ
الكونيةُ مقصودةٌ لغيرها، كخلقِ إبليسَ وسائر الشرور؛ لتحصُل بسبب ذلك المجاهدةُ
والتوبةُ والاستغفار وغير ذلك من المحاب، والإرادةُ الشرعيةُ مقصودةٌ لذاتِها،
فاللهُ أراد الطاعةَ كونًا وشرعًا وأحبها ورضيَها.
3- الإرادةُ الكونية لا بُدَّ من وقوعها، والإرادةُ الشرعيةُ لا يلزم وقوعها، فقد تقع وقد لا تقع.
الصفحة 3 / 220