قوله: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ﴾ أي: تنزهه جميع مخلوقاته التي في سماواته وأرضه عن كل
نقص وعيب، ﴿لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ ﴾ يختصان به ليس
لغيره منهما شيء، وما كان لعباده من الملكية فهو من عطائه، ﴿وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ﴾ لا يعجزه شيء.
﴿تَبَارَكَ﴾ فعلٌ ماضٍ مأخوذٌ
من البركة، وهي: النماءُ والزِّيادَة المستقرة الثابتة الدائمة، وهذه اللفظة لا
تستعمل إلا لله سبحانه، ولا تستعمل إلا بلفظ الماضي ﴿ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ ﴾ أي: القرآن، سُمي
فرقانًا؛ لأنه يَفْرُق بين الحق والباطل ﴿عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ﴾ يعني: مُحمَّدًا
صلى الله عليه وسلم وهذه صفة مدح وثناء؛ لأنه أضافه إليه إضافة تشريف وتكريم في
مقام إنزال القرآن عليه ﴿ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ﴾ الإنس والجن، وهذا
من خُصوصياته صلى الله عليه وسلم ﴿نَذِيرًا﴾ أي: منذرًا، مأخوذ من
الإنذار، وهو الإعلامُ بأسبابِ المخافة، وقوله: ﴿ لِيَكُونَ﴾ تعليل لإنزال
الفرقان عليه، أي: يخصه بالرسالة العامة.
· ثم وصف نفسه سبحانه بأربع صفاتٍ:
الأولى: قوله ﴿ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ﴾ دونَ غيره، فهو
المتصرف فيهما وحده.
الصفةُ الثانية: ﴿وَلَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا﴾ كما تزعم النصارى
واليهود، وذلك لكمال غناه وحاجة كل مخلوق إليه.
الصفةُ الثالثة: ﴿وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ﴾ فيه ردٌّ على طوائفِ
المشركين من الوثنية والثَّنَوِيَّة وغيرهم .