ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ﴾ أي: هو خالق العالم؛
سماواته وأرضه وما بين ذلك ﴿ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ﴾ هي: الأحد والإثنين
والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة، ففي يوم الجمعة اجتمع الخلق كله، وفيه خلق
آدم عليه السلام، ﴿ثُمَّ
ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ﴾ أي: علا وارتفع على العرش
كما يليق بجلاله، وهذا مَحِلُّ الشاهد من الآية، والعرشُ في اللغة: هو سريرُ
الملك، والمراد هنا -كما يدلُّ عليه مجموع النصوص- سرير ذو قوائم تحمله الملائكة،
وهو كالقبة على العالَم، هو سقف المخلوقات.
وقوله في الآية
الثالثة: ﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ﴾ أي: رفعها عن الأرض
رفعًا بعيدًا لا يُنال ولا يُدرك مداه ﴿بِغَيۡرِ عَمَدٖ تَرَوۡنَهَاۖ ﴾ العَمَد: هي الأساطين، جمع
عماد، أي: قائمة بغير عُمُد تعتمد عليها، بل بقدرته سبحانه.
وقوله: ﴿تَرَوۡنَهَاۖ﴾ تأكيدٌ لنفي
العَمَد، وقيل: لها عُمُد ولكن لا نراها، والأولُ أصح. ﴿ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ﴾ هذا محلُّ الشاهد
من الآية الكريمة لإثبات الاستواء، والكلام على بقية الآيات كالكلام على هذه
الآية.
ويُستفاد منها
جميعًا: إثباتُ استواءِ اللهِ على عرشِه على ما يليقُ بجلالِه، وفيها الردُّ على
من أَوَّل الاستواءَ بأنه الاستيلاءُ والقهر، وفسَّر العرشَ بأنه الملك؛ فقال:
استوى على العرش معناه: استولى على الملك وقهَر غيره، وهذا باطل من وجوه كثيرة
منها:
أولاً: أن هذا تفسير مُحْدث مخالف لتفسير السلف من الصَّحَابَة والتَّابعين وأتباعهم، وأول من قال به الجَهْمِيَّة والمعتزِلة، فهو مردود.