السماء، كقوله تَعالَى: ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ
فِي جُذُوعِ ٱلنَّخۡلِ﴾ [طه: 71]، وهذا إن أريد
بالسماء السماء المبنية، وإن أريد بالسماء مطلق العلو فـ ﴿ فِي ﴾ للظرفية، أي: في
العلو.
﴿أَن يَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ﴾ أي: يُقلعها بكم
كما فعل بقارون ﴿فَإِذَا
هِيَ تَمُورُ﴾ أي: تضطرب وتتحرك.
﴿ أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن
يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ ﴾ أي: حجارة من السماء كما
أرسلها على قوم لوط وأصحاب الفيل، وقيل: سحاب فيها حجارة، وقيل: ريح فيها حجارة، ﴿فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ﴾ أي: إنذاري إذا
عاينتم العذاب، ولا ينفعكم حينذاك هذا العلم.
والشاهدُ من الآيتين: أن فيهما إثباتَ
علوِّ الله على خلقِه، حيث صرَّحتَا أنه سبحانه في السماء، فقد دلتْ هذه الآياتُ
التي ذكرها المؤلفُ -رحمةُ اللهِ عليه- على إثبات العلو، كما دلتْ هذه الآيات التي
قبلها على إثباتِ استواءِ اللهِ على العرش.
· والفرقُ بين الاستواءِ والعلو:
1- أن العلوَّ من
صفاتِ الذات، والاستواءُ من صفاتِ الأفعال، فعلوُّ اللهِ على خلقِه وصف لازم
لذاته، والاستواء فعل من أفعاله سبحانه، يفعله سبحانه وتعالى بمشيئته وقدرته إذا
شاء؛ ولذا قال فيه: ﴿
ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ﴾وكان ذلك بعد خلق السموات والأرض.
2- أن العلوَّ من الصفاتِ الثابتةِ بالعقلِ والنقل، والاستواءُ ثابتٌ بالنقلِ لا بالعقل.
الصفحة 3 / 220