وقوله تَعالَى: ﴿ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ ﴾ هذا خطابٌ من
النَّبِي صلى الله عليه وسلم لصاحبِه أبي بكر رضي الله عنه حينما كانا في الغار
وقت الهجرة، وقد لحِق بهما المشركون، فحزن أبو بكر رضي الله عنه خوفًا على النَّبِي
صلى الله عليه وسلم من أذى الكفار، فقال له النَّبِي صلى الله عليه وسلم: ﴿لَا تَحۡزَنۡ﴾ أي: دَعِ الحزن ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ﴾ بنصرِه وعونِه
وتأييده، ومن كان الله معه فلن يُغلب، ومن لا يُغلب لا يحق له أن يحزن.
والشاهدُ من الآية: أن فيها إثباتَ
المعيةِ الخاصةِ بالمؤمنين التي مقتضاها النصرُ والتأييد.
وقولُه تَعالَى
لموسى وهارونَ عليهما السلام: ﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسۡمَعُ وَأَرَىٰ﴾ أي: لا تخافا من
فرعون ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَآ﴾ تعليلٌ للنهي، أي:
معكما بالنصر لكما والمعونة على فرعون ﴿ أَسۡمَعُ ﴾ كلامكما وكلامه ﴿ وَأَرَىٰ﴾ مكانكما ومكانه، لا
يخفى عليّ من أمركم شيء.
والشاهدُ من الآية: أن فيها إثباتَ
المعيَّةِ الخاصةِ في حقِّ اللهِ تَعالَى لأوليائِه بالنصرِ والتأييد، كما أن فيها
إثباتَ السمعِ والبصر له سبحانه وتعالى.
وقولُه تَعالَى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ﴾ أي: تركوا المحرَّمات
والمعاصي على اختلافِ أنواعِها ﴿وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ﴾ بتأديةِ الطاعات والقيامِ
بما أُمروا به، فهو سبحانه مع هؤلاءِ بتأييدِه ونصرِه ومعونتِه، وهذه معيَّةٌ
خاصة، وهي محل الشاهد من الآية الكريمة.
وقوله: ﴿وَٱصۡبِرُوٓاْ﴾ هذا أمر بالصبر، وهو حبس النفس، والمراد به هنا: الصبر على شدائد الحرب التي بين المسلمين وبين الكفار، ثم