علل هذا الأمر
بقوله: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾ فهو سبحانه مع
الصابرين في كلِّ أمرٍ ينبغي الصبر فيه.
والشاهدُ من الآيةِ
الكريمة: أن فيها إثباتَ معيةِ اللهِ للصابرين على طاعتِه والمجاهدين في سبيلِه، قال
الإمامُ الشوكاني: «ويا حبَّذا هذه المعية التي لا يغلبُ من رُزِقها من غالب، ولا
يؤتى صاحبُها من جهةٍ من الجهات وإن كانت كثيرة». اهـ.
وقوله تَعالَى: ﴿كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ ﴾الفئة: الجَماعَة
والقطعة منهم ﴿بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ ﴾أي: بإرادته وقضائه
ومشيئته، ﴿وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾هذا محل الشاهد من
الآية الكريمة، وهو إثبات معية الله سبحانه للصابرين على الجهاد في سبيله، وهي
معيةٌ خاصّةٌ مُقتضاها النصر والتأييد.
· ما يُستفاد من مجموع الآيات
السابقة: أفادت إثبات المعية، وأنها نوعان:
النوعُ الأول: معيَّةٌ عامةٌ كما
في الآيتين الأوليين، ومقتضى هذه المعية إحاطته سبحانه بخلقه وعلمه بأعمالهم خيرها
وشرها ومجازاتهم عليها.
النوعُ الثاني: معيَّةٌ خاصةٌ بعبادِه المؤمنين، ومقتضاها النصرُ والتأييدُ والحفظ، وهذا النوعُ تدل عليه الآياتُ الخمسُ الباقيةُ التي أوردها المؤلفُ رحمه الله.