وقوله تَعالَى: ﴿ وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَٰتِنَا ﴾ أي: حصل مجيئُه في
الوقت الذي واعده الله فيه، ﴿ وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ﴾ أي: أسمعه كلامَه من غيرِ
واسطة، فالآياتُ فيها إثباتُ الكلامِ لله، وأنه يتكلم متى شاء سبحانه، وأنه كلَّم
موسى عليه السلام بلا واسطة.
وقولُه تَعالَى: ﴿وَنَٰدَيۡنَٰهُ﴾ أي: نادى اللهُ
تَعالَى موسى عليه السلام، والنداء: هو الصوت المرتفع ﴿ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ﴾ الطُّور: جبلٌ بين
مصر ومَدْين ﴿ ٱلۡأَيۡمَنِ ﴾ أي: الجانب الأيمن
من موسى حين ذهب يبتغي من النار التي رآها جذوة، وليس المرادُ أيمنَ الجبلِ نفسِه،
فإن الجبالَ لا يمينَ لها ولا شمال، ﴿ وَقَرَّبۡنَٰهُ ﴾ أي: أدنيناه حتى كلمناه ﴿نَجِيّٗا ﴾ أي: مناجَيًا،
والمناجاة ضد المناداة.
وفي الآية الكريمة: إثباتُ الكلام لله
تَعالَى، وأنه ينادي ويناجي، وهما نوعان من الكلام: فالمناداة: بصوتٍ مرتفع،
والمناجاة: بصوتٍ غير مرتفع.
وقوله: ﴿ وَإِذۡ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰٓ ﴾ أي: واتْلُ، أو:
اذكر ذلك: ﴿ وَإِذۡ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰٓ﴾ النداء: هو الدعاء.
﴿أَنِ ٱئۡتِ﴾: ﴿ أَنِ﴾ يجوز أن تكونَ
مفسِّرة، وأن تكون مصدرية، أي: اذهب إلى ﴿ ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ وصفهم بالظلم؛
لأنهم جمعوا بين الكفر الذي ظلموا به أنفسَهم وبين المعاصي التي ظلموا بها غيرهم،
كاستعبادِهم بني إسرائيل وذبح أبنائهم.
وفي الآيةِ الكريمة: إثباتُ الكلامِ لله تَعالَى، وأنه ينادي من شاء من عبادِه ويسمعه كلامه.