×
شرح العقيدة الواسطية

وتُظِلُّه: أي تستره، والظُّلَّةُ: الشيء الذي يظلُّك من فوقك، وليس هذان المعنيانِ مُرَادَيْنِ في كونه سبحانه في السماء. ومن ظنَّ ذلك فقد أخطأ غايةَ الخطأ؛ وذلك لأمرين:

الأمر الأول: أنَّ هذا خلافُ ما أجمَعَ عليه أهلُ العلمِ والإِيمَان، فقد أجمعوا على أنَّه -سبحانه- فوق عرشه، بَائنٌ مِن خَلْقِهِ، ليس في ذاته شيءٌ من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيءٌ من ذاته، وقد تقدَّم الكلامُ في تفسير قوله تَعالَى: ﴿ءَأَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ [المُلك: 16]، وأنَّه إنْ أُريد بالسماءِ السماءُ المَبنِيةُ فـ ﴿ فِي [البقرة: 10] بمعنى: «على» أي: على السَّماء، كقوله: ﴿ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخۡلِ [طه: 71] أي: على جُذُوعِ النَّخلِ، وإنْ أُرِيْدَ بالسَّماءِ العُلُوُّ كان المعنى: «في السَّماء» أي: في العُلُوِّ. واللهُ أعلم.

الأمر الثاني: أنَّ هذا الظَّنَّ مُخالِفٌ ومُصادِمٌ لأدلة القرآن الدَّالَةِ على عظمة اللهِ، وَغِنَاه عن خلقه، وحاجة خَلقِه إليه، كمَا في قوله تَعالَى: ﴿ وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ [البقرة: 255]. والكُرْسِيّ مخلوقٌ عظيمٌ بين يَدَي العرش، وهو أعظم من السموات والأرض، والعرش أعظم منه، فإِذَا كانت السَّموات والأرض أصغرَ من الكُرسيِّ، والكُرسيُّ أصغرُ من العرش، واللهُ أعظمُ من كُلِّ شيءٍ، فكيف تَحْوِيه السماءُ أو تُقلُّه أو تُظِلُّه؟!

وكذلك قوله تَعالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ [فاطر: 41]، ﴿ وَيُمۡسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦٓۚ  [الحج: 65]،


الشرح