×
شرح العقيدة الواسطية

الاحتضار، وحالة الميت في القبر، والبعث من القبور، وما يحصل بعده. ثم أشار الشيخُ رحمه الله إلى أشياء من ذلك، منها ما يكونُ في القبر فقال: «فَيُؤمِنُون بفتنة القبر، وبعذاب القبر ونعيمه» فذكر أمرين:

الأمر الأول: فتنة القبر، والفتنة لغةً: الامتحانُ والاختبارُ، والمراد بها هنا: سؤالُ الملَكَيْنِ للميِّت؛ ولهذا قال: «فأمَّا الفتنةُ: فإنَّ النَّاس يُفتَنُونَ في قُبورِهم، فيُقالُ للرَّجلِ» أي: الميِّت، سواء كان رجلاً أو امرأةً، ولعل ذِكْرَ الرَّجلِ مِن باب التَّغليبِ. ثمَّ ذَكَرَ الأسئلةَ الَّتي تُوجَّهُ إلى الميِّت، وما يُجِيبُ به المؤمنُ، وما يُجيبُ به غيرُ المؤمنِ، وَمَا يَكونُ بعدَ هذه الإجابةِ مِن نعيمٍ أو عذابٍ.

والإِيمَان بسؤال الملكين واجبٌ؛ لثبوتِه عن النَّبِي صلى الله عليه وسلم في أحاديثَ يَبلغُ مجمُوعُها حدَّ التَّوَاتُرِ. ويَدلُّ على ذلك القرآنُ الكريمُ في قوله تَعالَى: ﴿يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّٰلِمِينَۚ وَيَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ [إبراهيم: 27]، فقد أخرجَ الشيخان من حديث البَرَاءِ بنِ عَازبٍ رضي الله عنه، عن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال في قوله تَعالَى: ﴿يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ [إبراهيم: 27]: «نَزَلَتْ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ» ([1]). زاد مُسلمٌ: «يُقَالُ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم » ([2]) فذلك قوله عز وجل: ﴿ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ [إبراهيم: 27]، والقول الثابت هو: كلمةُ التوحيد التي ثَبَتَتْ في


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1369).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2871).