والمقصود: أنَّ هذا ممَّا
تَقَوَّلَهُ أهلُ الضَّلال،. وأمَّا أهلُ الهدى والفلاح فيؤمنون بهذا وهذا،
ويؤمنون بأنَّ اللهَ خالقُ كلِّ شيءٍ وربُّه ومليكُه، وما شاء كان، وما لم يشأ لمْ
يكن، وهو على كلِّ شيءٍ قدير، وأحاط بكلِّ شيءٍ علمًا، وكلُّ شيءٍ أحصاه في إمامٍ
مبين. اهـ.
وقولُه: «وهو سبحانه
يحبُّ المتَّقين والمحسنين والمقسطين» أي: يحبُّ من اتَّصفَ
بالصِّفاتِ الحميدة، كالتَّقوى والإحسان والقِسط «ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا
الصالحات»، كما أخبرَ بذلك في آياتٍ كثيرةٍ؛ لمَا اتَّصفوا به من الإِيمَان
والعملِ الصالح «ولا يحبُّ الكافرين، ولا يرضى عن القوم الفاسقين» أي: لا
يرضى عمن اتَّصف بالصِّفات الَّتي يُبغضها؛ كالكفر والفسوق وسائر الصِّفات
الذَّميمة «ولا يأمر بالفحشاء» وهي ما تناهى قبحه من الأقوال والأفعال «ولا
يرضى لعباده الكفرَ ولا يحبُّ الفساد»؛ لقبحِهما، ولمَا فيهما من المضرَّةِ
على العباد والبلاد.
ويريد الشَّيخُ رحمه
الله بهذا الكلام الرَّدَّ على من زَعَم: أنَّ الإرادةَ والمحبَّةَ بينهما تلازمٌ،
فإذا أراد اللهُ شيئًا فقد أحبَّه وإذا شاء شيئًا فقد أحبَّه.
وهذا قولٌ باطلٌ، والقولُ الحقُّ: أنَّه لا تلازمَ بين الإرادة والمحبَّة، أو بين المشيئة والمحبة. أعني الإرادةَ والمشيئة الكونيَّة - فقد يشاء اللهُ ما لا يحبه، وقد يحبُّ ما لا يشاءُ وجودِه، مثال الأوَّل: مشيئةُ وجودِ إبليس وجنودِه ومشيئتِه العامَّة لمَا في الكون، مع بغضِه لبعضِه، ومثال
الصفحة 3 / 220