×
شرح العقيدة الواسطية

ويقال للطَّائفة الأولى: الجبرية؛ لأنَّهم يقولون: إنَّ العبدَ مجبرُ على ما يصدر منه، لا اختيارَ له فيه. ويقال للطَّائفة الثَّانية: القدرية النُّفَاة؛ لأنَّهم يَنفون القدر.

فقول الشيخُ رحمه الله: «والعباد فاعلون حقيقة» ردٌّ على الطَّائفَة الأولى، وهم الجبرية؛ لأنَّهم يقولون إن العبادَ ليسوا فاعلين حقيقة، وإسنادُ الأفعالِ إليهم من بابِ المجاز. وقوله: «والله خالقهم وخالق أفعالهم» ردٌّ على الطَّائفَة الثَّانية القدرية النُّفاة؛ لأنَّهم يقولون: إنَّ اللهَ لم يخلق أفعالَ العباد وإنَّما هم خلقوها استقلالاً دون مشيئةِ الله وتقديره لها.

وقوله: «والعبدُ هو المؤمنُ والكافرُ والبرُّ والفاجر والمصلِّي والصائم، وللعباد قدرة على أعمالهم ولهم إرادة» ردٌّ على الجبرية، أي: ليس العبادُ بمُجبَرِين على تلك الأعمالِ؛ لأنَّه لو كان كذلك لما صحَّ وصفُهم بها، لأنَّ فعلَ المجبر لا يُنسبُ إليه، ولا يوصَفُ به، ولا يستحقُّ عليه الثوابُ أو العقاب.

وقوله: «واللهُ خالقُهم، وخالقُ قدرتهم» ردٌّ على القدريةِ النُّفاة؛ إذ زَعَموا: أنَّ العبادَ يَخلقون أفعالَهم بدونِ إرادةِ اللهِ ومشيئتِه، كما سبق. ثمَّ استدلَّ الشَّيخُ في الردِّ على الطَّائفتين بقوله تَعالَى: ﴿ لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَسۡتَقِيمَ ٢٨ وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢٩، فقولُه تَعالَى: ﴿ لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَسۡتَقِيمَ [التكوير: 28] فيه الردُّ على الجبرية؛ لأنَّه أَثْبَتَ للعبادِ مشيئةً، وهم يقولون لا مشيئةَ لهم. وقوله: ﴿ وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [التكوير: 29] فيه الردُّ على القدريةِ القائلين بأنَّ مشيئةَ


الشرح