[الحشر: 10]
المراد بالأُخوةِ هنا أُخُوةُ الدِّين، فهم يستغفرون لأنفسِهم ولمن تقدَّمهم من
المهاجرين والأنصار ﴿ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي
قُلُوبِنَا غِلّٗا ﴾ أي: غِشًّا وبغضًا وحسدًا ﴿
لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ﴾ ي: لأهلِ الإِيمَان، ويدخل
في ذلك الصَّحَابَة دخولاً أوَّليًّا؛ لكونهم أشرف المؤمنين ولكونِ السِّياق فيهم.
قال الإمامُ
الشَّوكانيُّ: «فمن لم يستغفرْ للصَّحابةِ على العموم، ويطلب رضوانَ الله لهم -
فقد خالفَ ما أمر اللهُ به في هذه الآية. فإنْ وجد في قلبِه غِلًّا لهم فقد أصابه
نَزْغٌ من الشَّيطان، وحلَّ به نصيبٌ وافرٌ من عصيانِ الله؛ بعداوةِ أوليائِه،
وخير أمَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، وانفتح له بابٌ من الخذلان ما يَفِدُ به
على نارِ جهنَّم إن لم يتدارك نفسَه باللُّجوءِ إلى اللهِ سبحانه، والاستغاثةِ به بأنْ
يَنزغ عن قلبِه ما طَرَقَهُ من الغِلِّ لخير القرون، وأشرف هذه الأمَّة. فإن جاوز
ما يجدُه من الغلِّ إلى شتمِ أحدٍ منهم فقد انقادَ للشِّيطانِ بزمامٍ، ووقع في
غضبِ اللهِ وسخطِه. وهذا الدَّاءُ العُضالُ إنَّما يُصاب به من ابتُلِي بمعلِّمٍ
من الرَّافضة، أو صَاحَبٍ مِن أعداءِ خير الأمَّة، الَّذين تلاعبَ بهم الشَّيطان،
وزيَّن لهم الأكاذيبَ المختلفة، والأقاصيصَ المُفتراة، والخرافات الموضوعة،
وصرفَهم عن كتابِ الله الَّذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفِه». اهـ.
والشَّاهدُ من الآيةِ الكريمة: أنَّ فيها فضلَ الصَّحَابَة؛ لسبقِهم بالإِيمَان، وفضلَ أهلِ السُّنة الَّذين يتولَّونهم، وذمَّ الَّذين يعادونهم. وفيها مشروعيّةُ الاستغفارِ للصَّحابة، والتَّرضِّي عنهم. وفيها سلامةُ قلوبِ أهلِ