السُّنةِ وألسنتِهم لأصحابِ رسولِ الله صلى الله
عليه وسلم ففي قولِهم: ﴿ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا ﴾ إلخ سلامة الألسنة. وفي
قولِهم: ﴿ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا
لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ﴾ سلامة القلوب.
وفي الآيةِ تحريمُ
سبِّهم وبُغضِهم، وأنَّه ليس من فعلِ المسلمين، وأنَّ من فعلَ ذلك لا يستحقُّ مِن
الفَيْءِ شيئًا. وقوله: «وطاعة النَّبِي صلى الله عليه وسلم في قوله» أي:
أن أهلَ السنةِ يطيعون النَّبِي صلى الله عليه وسلم في سلامةِ قلوبِهم وألسنتِهم
لأصحابِه، والكفِّ عن سبِّهم وتَنَقُّصِهم حيث نهاهم النَّبِي صلى الله عليه وسلم
عن ذلك بقوله: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي» أي: لا تتنقَّصوا ولا تَشتِمُوا «أصحابي»:
جمع صاحب، ويقال لمن صاحب النَّبِي صلى الله عليه وسلم: صحابي. وهو من لَقِي
النَّبِي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به ومات على ذلك.
«فَوَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ» هذا قسمٌ من النَّبِي صلى الله عليه وسلم يريد به
تأكيدَ ما بعده: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا»
جواب الشرط، و«أُحُد»: جبل معروف في المدينة، سمِّي بذلك؛ لتوحُّده عن
الجبال، و«ذهبًا»: منصوب على التمييز. «مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ»
المُدُّ: مِكيال، وهو ربعُ الصَّاع النَّبويِّ. «ولا نَصِيفَه»، لُغةٌ في
النِّصف، كما يقال: ثمين بمعنى: الثَّمن.
والمعنى: أن الإنفاقَ الكثيرَ في سبيلِ اللهِ من غيرِ الصَّحَابَة لا يُعادل الإنفاقَ القليلَ من الصَّحَابَة؛ وذلك أنَّ الإِيمَان الَّذي كان في قلوبِهم حين الإنفاق في أوَّلِ الإِسْلام، وقلَّة أهله، وكثرة الصوارف عنه، وضعف الدَّواعي إليه - لا يمكن أن يحصُلَ لأحدٍ مثلُه ممَّن بَعدِهم.