×
شرح العقيدة الواسطية

 فقولُه: «وَيَقبلون» أي: أهل السُّنة والجَماعَة «ما جاء في الكتاب والسُّنة والإجماع» أي: إجماع المسلمين «من فضائلهم ومراتبهم» وكفى بهذه المصادر الثَّلاثة شاهدًا على فضلهم.

ثمَّ إنَّهم ليسوا على درجةٍ واحدةٍ في الفضل، بل بحسبِ سبقِهم إلى الإِسْلام ْوبحسْبِ ما قاموا به من أعمالٍ تجاه نبيِّهم ودينِهم ورضي اللهُ عنهم؛ ولذلك قال الشَّيخُ رحمه الله: «ويُفضِّلون من أنفقَ من قبلِ الفتحِ وهو صلح الحُديبية»؛ لأن اللهَ سمَّاه فتحًا بقوله تَعالَى: ﴿ إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا [الفتح: 1]، وذلك هو المشهور أن المراد بالفتح صلح الحديبية؛ لأن سورة الفتح نزلت عقيبه.

و«الحُديبية»: بئرٌ قربَ مكةَ وقعتْ عنده البيعةُ تحتَ شجرةٍ كانت هناك حينما صدَّ المشركون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ِوأصحابهِ عن دخولِ مكةَ، فبايعوه على الموت؛ وسُمِّيت هذه البيَّعة فتحًا؛ لما حصل بسببِها من الخيرِ والنَّصرِ للمسلمين. والدَّليلُ على تفضيلِ هؤلاء قوله تَعالَى: ﴿ لَا يَسۡتَوِي مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَٰتَلَۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةٗ مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَٰتَلُواْۚ [الحديد: 10]، وهؤلاء هم السابقون الأوَّلون من المهاجرين والأنصار، قال الله تَعالَى: ﴿ وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ [التوبة: 100].

قال: «ويُقدِّمون المهاجرين على الأنصار» «المهاجرون» جمع مهاجر، والمراد بهم: الَّذين هاجروا من مكةَ إلى المدينة،


الشرح