الصِّنف الثَّاني: من يَغلو في إثباتِ
الكرامةِ من أصحابِ الطُّرقِ الصُّوفية والقبوريّين الَّذين يُدَجِّلون على
النَّاس، ويأتون بخوارقَ شيطانيَّةٍ: كدخولِ النَّار، وضَرْبِ أنفسِهم بالسلاح،
وإمساك الثَّعابين، وغير ذلك ممَّا يدَّعونه لأصحابِ القبورِ من التَّصرفاتِ
الَّتي يسمُّونها كرامات.
الصِّنف الثَّالث: الَّذين ذكرهم
الشَّيخُ هنا، وهم أهلُ السنةِ والجَماعَة، فيؤمنون بكراماتِ الأولياءِ ويُثبتونها
على مقتضى ما جاء في الكتابِ والسنة، ويردُّون على مَنْ نفاها -بحجَّةِ منعِ
الاشتباه بين النَّبِي وغيره- بأنَّ هناك فوارقَ عظيمةً بين الأنبياءِ وغيرِهم
غيرُ خوارقِ العادات. وأنَّ الوليَّ لا يدَّعي النُّبوة؛ ولو ادَّعاها لخرج عن
الوَلاية، وصار مُدَّعيًا كذَّابًا، لا وليًّا. ومن سنَّة اللهِ أن يفضحَ الكاذب،
كما حصلَ لمسيلمةَ الكذَّاب وغيره. ويردُّون على من غلا في إثباتِها؛ فادَّعاها
للمشعوذين والدَّجالين - بأنَّ هؤلاء ليسوا أولياءَ الله، وإنَّما هم أولياءُ
للشيطان، وما يَجري عليهم إمَّا كذبٌ وتدجيل، أو فتنةٌ لهم ولغيرِهم واستدراج.
والله أعلم؟ ولشيخِ
الإِسْلام ابن تيْميَّة في هذا الموضوعِ كتابٌ جليلٌ اسمه: «الفرقان بين أولياء الرَّحمَن
وأولياء الشَّيطان».
وفي قولِه: «في أنواعِ العلومِ والمكاشفاتِ وأنواعِ القدرةِ والتَّأثيرات» إشارةٌ إلى أنَّ الكرامةَ منها ما يكونُ من بابِ العلمِ والكشف؛ بأن يَسمعَ العبدُ ما لا يسمعُه غيرُه، أو يَرى ما لا يراه غيرُه يقظةً أو منامًا، أو يعلم ما لا يعلمُه غيرُه، ومنها ما هو من بابِ القدرةِ والتأثير.