باعثٌ
بلا مشقَّةٍ.
****
هذا من عجائب قدرته: أنه يميت
الخلق ويُفنِيهم حتَّى يتلاشَوا ويصيروا ترابًا ورفاتًا حتَّى يقول الجاهل: لا يمكن
أن يعودوا! ولكن الله عز وجل يبعثهم من جديد ويعيد خَلْقَهم من جديد، وليس عليه في
ذلك مشقة، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿مَّا خَلۡقُكُمۡ وَلَا
بَعۡثُكُمۡ إِلَّا كَنَفۡسٖ وَٰحِدَةٍۚ﴾ [لقمان: 28].
﴿وَهُوَ ٱلَّذِي
يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ
ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ﴾ [الروم: 27].
فالمشركون أنكروا البعث استبعادًا منهم كما ذكر الله ذلك عنهم: ﴿قَالَ مَن
يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ﴾ [يس: 78]. قال سبحانه وتعالى:
﴿قُلۡ
يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ﴾ [يس: 79].
أول مرة، ليس لها وجود أصلاً، فأوجدها من العدم سبحانه وتعالى، فالذي خلقها
من العدم: أليس بقادر على إعادتها من باب أولى؟! هذا في نظر العقول، وإلا فإن الله
سبحانه لا يُقاس بخلقه، إنما ذلك لضرب المثل: ﴿وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ﴾ [الروم: 27].
فهذا ردٌّ على هذا الجاحد، قال تعالى: ﴿وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ﴾ [يس: 78].، نسي أنه
في الأول كان لا شيء ولا وجود له ﴿هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ
حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡٔٗا مَّذۡكُورًا﴾ [الإِنسَان: 1] نسي
أن الله أوجده من عدم.
فهو يجمع هذه العظام المتفرِّقة، واللحوم الممزَّقة، والتراب الذي تحلَّلَ، وهذه الشُّعور المُتَبَعثِرَة يعيدها كما كانت، ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَآ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ﴾ [الروم: 25].
الصفحة 2 / 224