وبين
الجَبْرِ والقَدَرِ.
****
ونحن - مَعشَرَ أَهل السُّنة والجمَاعة - نثبت ما أثبته الله لنفسه، وما
أثبته له رسوله، من الأسماء والصِّفات، ولا نعطِّلها ولا نَنفِيها، ولا نشبه الله
بأحد من خلقه، بل نقول: أسماء الله وصفاته تليق به سبحانه وإن كانت هذه الأسماء
والصِّفات موجودة في البشر، لكن الكيفية مختلفة، والصفة تابعة للموصوف.
مذهب أَهل السُّنة والجمَاعة وسط بين الجبرية والقدرية.
فالجبرية: يغلون في إثبات القدر حتَّى يسلبوا العبد عن الاختيار، فيقولون: العبد ليس
له اختيار، أفعاله كلها مجبور عليها، فهو آلة يحركه القدر، فصلاته وصيامه وأعماله
ليس له فيها اختيار، فهو يُحَرَّك كما تُحَرَّك الآلة، وهذا مذهب باطل.
والقدرية: غلوا في إثبات اختيار العبد فنفوا القدر، حتَّى جعلوا العبدَ يستقلُّ
بأفعاله ويخرجونها من إرادة الله ومشيئته، وأن العبد له إرادة مستقلة، فقالوا: هو
الذي يخلق فعل نفسه، وليس لله فيها تصرف، وهذا مذهب المُعتزلَة.
أما أَهل السُّنة والجمَاعة: فتوسطوا في هذه المسألة وقالوا: إن العبد له اختيار ومشيئة، يفعل باختياره، ولكنه لا يخرج عن قضاء الله وقدره، فأفعاله خلق الله، وهي فعله وكسبه، فهو الذي يفعل المعاصي ويفعل الطاعات، ولكن الله هو المقدر؛ فلذلك يعاقب على جرائمه، ويثاب على طاعته، ولو كان يفعل هذا بغير اختياره ما حصل على الثواب ولا العقاب؛ فالمجنون والصغير لا يؤاخذان، وكذلك المكره الذي ليس له اختيار لا يؤاخذ.