ولا
شيء يُعجِزه
****
والمشبِّهة غَلوا في الإثبات،
وأَهل السُّنة والجمَاعة توسَّطوا؛ فأثبتوا ما أثبته الله لنفسه على ما يليق
بجلاله، من غير تشبيه ولا تعطيل على حد قوله تعالى: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ
وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشوى: 11]؛ فقوله: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ﴾ [الشوى: 11] نفي
للتشبيه، وقوله: ﴿وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ
ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشوى: 11] نفي للتعطيل، وهذا المذهب الذي يسير عليه
أَهل السُّنة والجمَاعة.
ولهذا يُقال: المعطِّل يعبد عدمًا، والمشبِّه يعبد صنمًا، والموحِّد
يعبد إلهًا واحدًا فردًا صمدًا.
هذا إثبات لكمال قدرته.
قال تعالى: ﴿وَهُوَ
عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرُۢ﴾ [المائدة: 120].
وقال تعالى: ﴿وَكَانَ ٱللَّهُ
عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقۡتَدِرًا﴾ [الكهف: 45].
وقال تعالى: ﴿إِنَّهُۥ
كَانَ عَلِيمٗا قَدِيرٗا﴾ [فاطر: 44].
والقدير معناه: المبالغ في القدرة، فقدرته سبحانه وتعالى لا يعجزها شيء،
إذا أراد شيئًا فإنما يقول له: «كن» فيكون.
فهذا فيه إثبات قدرة الله عز وجل، وإثبات شمولها، وعمومها لكل شيء.
أما العبارة التي يقولها بعض المؤلفين: «إنه على ما يشاء قدير» فهذه غلط؛
لأن الله لم يقيِّد قدرتَهُ بالمشيئة، بل قال: على كل شيء قدير، فقل ما قاله الله
سبحانه وتعالى.
إنما هذه وردت في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ عَلَىٰ جَمۡعِهِمۡ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٞ﴾ [الشورى: 29]؛ لأن الجمع له وقت محدد في المستقبل، وهو قادر على
الصفحة 1 / 224