خلق الخلق بعلمه.
وقدَّرَ
لهم أقدارًا.
****
وليس يشبهه شيء من الأشياء، لا المَلائكَة ولا الأنبياء والرسل ولا
الأولياء ولا أيُّ مخلوق ﴿وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]
فسمَّى نفسه السميع البصير.
فالآية في أولها رد على المشبهة، وفي آخرها رد على المعطلة، ودلت على أنه
لا يلزم من إثبات الأسماء والصِّفات التشبيه بالمخلوقات، فسَمْعُ وبَصَرُ
المخلوقات لا يشبه سَمْعَ ولا بَصَرَ الله عز وجل.
قال سبحانه: ﴿أَلَا
يَعۡلَمُ مَنۡ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ﴾ [الملك: 14]. فخلقه
دليل على علمه سبحانه وتعالى وقدرته كما قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ
لِيُعۡجِزَهُۥ مِن شَيۡءٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ
عَلِيمٗا قَدِيرٗا﴾ [فاطر: 44].
قدر الله جل وعلا المقادير، ولم يُوجِد هذه الأشياء بدون تقدير ﴿وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَآئِنُهُۥ وَمَا نُنَزِّلُهُۥٓ إِلَّا بِقَدَرٖ مَّعۡلُومٖ﴾ [الحجر: 21]؛ فكل شيء قدره الله بمقادير وكيفيات لا تختلف ولا تتغيَّر، فالإِنسَان قدر الله جسمه وحواسَّه وأعضاءه وتركيبه وأوزانه، حتَّى صار إنسانًا معتدلاً يمشي ويقف، ولو اختلَّ شيء من أعضاء هذا الإِنسَان أو من تراكيبه اختل الجسم، وكذلك سائر الكائنات ﴿وَكُلُّ شَيۡءٍ عِندَهُۥ بِمِقۡدَارٍ﴾ [الرعد: 8]؛ فلكل شيء مقاديرُ ينضبط بها، ولكل شيء مقادير تختلف عن مقادير الآخر.
الصفحة 1 / 224