والاستِطاعَةُ
التي يجب بها الفِعلُ، من نَحْوِ التَّوفِيقِ الذي لا يجوز أن يُوصَفَ المَخلُوقُ
به - فهي مع الفِعلِ، وأمَّا الاستِطاعَةُ من جِهَة الصِّحَةِ والوُسْعِ،
والتَّمَكُّن وسَلامَةِ الآلاتِ - فهي قَبلَ الفِعلِ، وبها يتعلَّقُ الخِطابُ، وهو
كما قال تعالى: ﴿لَا
يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ﴾ [البقرة: 286].
****
الاستطاعة هي القدرة من الإِنسَان،
وهي على قسمين:
الأول: استطاعة يتعلق بها التكليف والأمر والنهي.
الثاني: استطاعة يستطيع بها الإِنسَان الفعل والتنفيذ.
القسم الأول: الاستطاعة التي يتعلق بها التكليف، معناها: الوُسع، أن
يكون عند الإِنسَان وُسْعٌ أن يفعل أو لا يفعل، عنده إمكانية وتمكُّن، فالتكليف
يتعلق بهذه الاستطاعة، فالإِنسَان الذي ليس عنده تمكُّن واستطاعة لا يُكلَّف،
كالمجنون والصغير، فلا يكلف فلا يُؤمر ولا يُنهى، ولكن الصغير إن بلغ سبع سنوات
فإن عنده استطاعة فيُؤمر بالصَّلاة من باب الاستحباب والتربية، والتدريب على فعل
العبادة، فلا تجب عليه إلا إذا بلغ فيُكَلَّف، وهذا النَّوع يكون قبل الفعل.
القسم الثاني: الاستطاعة التي يكون فيها التنفيذ وإيجاد الشيء؛ فهذه تكون مع الفعل فالحج مثلاً فيه الاستطاعتان، قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ﴾ [آل عمران: 97]؛ فهذه استطاعةُ تمكُّن، فيجب الحج على من يستطيع، والسبيل هو الزاد والراحلة، فيجب عليه الحج إذا وجدهما؛ لأن عنده تمكُّنًا، هذه استطاعة قبل الفعل، أما الاستطاعة مع الفعل - وهو مباشرة الحج - فقد لا يكون عنده قدرة مثل المريض