لقد
الْتمَسَ بوَهمِهِ في فَحْصِ الغَيبِ سِرًّا كَتِيمًا.
والعَرْشُ والكُرسِيُ حقٌّ.
وعاد بما قال فيه أفَّاكًا
أَثِيمًا.
****
لا يمكنه أن يدرك كلَّ شيء، فلا
تُدخِلْه في متاهات وأمور لا يُطِيقُها.
لأن القضاء والقدر سر الله جل وعلا في خلقه، فلا تبحثْ عنه، ولا تُكلف
بذلك، إنما كُلِّفتَ بالعمل والطاعة والامتثال.
أي: يكون كل كلامه وكل بحثه إفكًا، يعني: كذبًا وإثمًا -والعياذ بالله-؛
لأنه فعل ما لم يُؤمَر به، وتدخَّل فيما ليس من شأنه.
الله سبحانه وتعالى خلق السمواتِ، وخلق الأرضَ، وخلق الكُرسِيَّ، وخلق
العرشَ، كلُّها مخلوقات لله عز وجل، السموات فوق الأرض، وفوق السموات البحر، وفوق
البحر الكرسي، وفوق الكرسي العرش، فهو أعلى المخلوقات.
وذلك كما جاء في الحديث: «مَا
السَّمَوَاتُ السَّبْعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلاَّ كَدَرَاهِمَ سَبْعَةٍ أُلْقِيَتْ
فِي تُرْسٍ»، يعني: السموات السبع وعِظَمها وما فيها مقارنةً بالكرسي كسبعة
دراهم ألقيت في مثل الصَّحن الذي يَتَتَرَّسُ به المقاتل، فما نسبة سبعة دراهم في
تُرْسٍ مستدير؟ نسبتها قليلة.
وفي ذلك قوله تعالى: ﴿وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلۡأَرۡضَۖ﴾ [البقرة: 255].
والعرش أعظم من الكرسي، فالكرسي بالنسبة إلى العرش كحلقة ملقاة في أرض فلاة، كما جاء في الحديث، فلو ألقيت حلقة في أرض واسعة فما نسبتها إلى هذه الفلاة؟ لا شيء.
الصفحة 1 / 224