وكلُّ شيء يَجرِي بتَقدِيرِهِ.
ومشيئته تنفذ، لا مشيئة
للعباد إلا ما شاء لهم، فما شاء لهم كان، وما لم يشأ لم يكن.
****
يقع منه الفعل، فالجزاء مرتب على العمل، لا على العلم ولا على القدر.
ففرق بين العلم وبين الجزاء، ولذلك أمرهم الله ونهاهم، فمن أطاع الأوامر
وترك النواهي حصل على الثواب، ومن خالف الأوامر وارتكب النواهي حصل على العقاب
بأفعاله هو لا بأفعال الله سبحانه، فالعبد هو المصلي والمزكي والحاج والمجاهد،
فالأعمال تُنسَب إليه لا إلى الله، إلا من جهة الخلق والعلم والتقدير والتوفيق.
لا شك أن كلَّ شيء بتقديره لا يخرج عن تقدير الله من الخير والشر، والطاعة
والمعصية، والكفر والإيمان، والمرض والصحة، والغِنَى والفقر، والعلم والجَّهل، كل
شيء يجري بتقديره، وليس في ملكه شيء لم يقدِّرْه ولا يريده.
الله سبحانه وتعالى له مشيئة، والعباد لهم مشيئة، ولكن مشيئة العباد
مرتَّبةٌ على مشيئة الله، وليست مستقِلَّةً؛ ولهذا قال سبحانه: ﴿وَمَا
تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا﴾ [الإِنسَان: 30].
وقال سبحانه: ﴿وَمَا
تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [التكوير: 29].
فجعل لنفسه مشيئةً هي من صفاته، وجعل لعباده مشيئةً هي من صفاتهم، وربط مشيئتَهُم بمشيئته سبحانه.
الصفحة 1 / 224